في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى كأس العالم في قطر، هناك مباراة مستمرة منذ عقود في القدس يحرز لاعبوها كل مرة أهدافا مميزة في مرمى الاحتلال (الإسرائيلي) تهز شباك أجهزته الأمنية كما حدث صباح اليوم، حين أشعل أحد أبناء المدينة شعلة العمليات النوعية عبر حقيبة متفجرات.
عمليتا القدس النوعيتان مثلتا العودة للعمل العسكري المُنظم في القدس تحديداً أهم نقاط الضعف (الإسرائيلي)، فتلك العمليات ترعب الاحتلال وتجعله في حالة تأهب لأي ضربة جديدة، لكن كل مرة تأتيه بطريقة ومكان غير متوقعين.
ما بين الواقعة الأولى والثانية في القدس نصف ساعة، الأولى تفجير عبوة ناسفة بعد وصول فلسطيني بدراجة كهربائية إلى محطة حافلات بمدخل القدس، وضع العبوة وفرّ من المكان، ليقتل (إسرائيلي) ويصاب 10 آخرون بينهم إصابات حرجة وخطيرة، بينما كانت الثانية عبر دراجة نارية مفخخة في حي راموت الاستيطاني شمال القدس، انفجرت وأصيب 3 مستوطنين بجروح طفيفة.
ووفق ما أوردته قناة كان العبرية فإن العبوات في عمليتي القدس متشابهتان وقد تم تفعيلهما عن بعد من خلال هاتف محمول، حيث كانت مليئة بالكرات المعدنية الصغيرة والمسامير لإيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى.
ورغم انتهاء الحدث لا تزال محطات حافلات القدس تشهد أعمال تمشيط واسعة النطاق تقوم بها شرطة الاحتلال خشية وجود عبوات أخرى قابلة للانفجار، كما أعلنت حالة التأهب القصوى في المدينة.
ويعلق الناشط المقدسي أسامة برهم "للرسالة نت" بأن الحدث يعتبر نوعيا وتغيرا جذريا، مضيفا: لم يتوقع أحد تلك العملية لكن ستكون تداعياتها صعبة جدا لأنها تعيد إلى الذاكرة عمليات شبيهة كانت في القدس والعفولة وتل ابيب".
ويوضح أن الفرق بين عملية اليوم والعمليات السابقة قبل سنوات هو عدم وجود منفذ، معتبرا أن تنفيذ عملية بعبوة ناسفة في حقيبة سيكون كابوسا لرجال الأمن خوفا من تكرار الحادث في أي لحظة أو مكان.
ووفق برهم فإن الحكومة بأجهزتها الأمنية بحاجة إلى معجزة هذا الصباح لتخرجها من الأزمة ولتعيد الأمن والحياة إلى طبيعتها، مؤكدا أن ما حدث هذا الصباح ليس عبثيا بل محرج للحكومة الحالية والمقبلة.
وعلى الصعيد السياسي (الإسرائيلي) الداخلي، أوضح أن المفاوضات متعثرة من أجل تشكيل حكومة، وميدانيا الشارع يشهد أحداثا استثنائية مفاجئة، أما استخباراتيا تشهد المؤسسة تخبطا وهي في موقف صعب جدا، مؤكدا أن الشارع (الإسرائيلي) في حالة هلع من أي تفجير آخر، خاصة وأن المنفذ ومن خلفه لا زالوا مجهولين".
عمليات الثأر المقدس
ما ميز عمليتي اليوم هو القدرة التصنيعية الهائلة دون خسارة أي أشخاص، والوصول إلى هذه المواقع، وحول ذلك يقول عماد أبو عواد المختص في الشأن (الإسرائيلي) إن هذه العملية تتويج لمسيرة أعمال مقاومة في الضفة المحتلة.
وأوضح أبو عواد "للرسالة نت" أن الجيل الجديد بات يتغلب على كل منغصات الاحتلال وبدء العمل النوعي المقاوم بعيدا عن ردات الفعل، مشيرا إلى أن الجيل الحالي يطور ذاته وقدراته تجاه إعادة نوع العمل الذي كان في التسعينيات وحتى 2002 خاصة فيما يتعلق بعمليات الثأر المقدس.
ووفق متابعته فإن الشارع الفلسطيني يتبنى المقاومة ولديه قدرة لينتج بين الفينة والأخرى مجموعة من الشبان الذين سرعان ما يتحولون لأيقونات دون الاعتماد على منطقة معينة، وتلك الحالة في كل مكان وزمان في الضفة والقدس.
ويبدو واضحا أن ما يفعله الشبان في الضفة والقدس في السنوات الأخيرة، لم يستطع الاحتلال السيطرة عليه أو فهم سياسة المقاومة التي ينتهجها الثوار الجدد، فكل مرة يفاجئون المحتل بأدواتهم وطريقة مقاومتهم.