يبدو أن المجتمع الصهيوني وقادته أصبحوا ينجرفون بشكل كامل نحو العنصرية والتطرف، لا سيما مع الذهاب قريبا لتشكيل أكثر حكومة يمينية تضم أحزابا دينية متطرفة منذ نشأة هذا الكيان.
ويتجسد هذا التطرف في حديث قادة الاحتلال عن دعمهم المطلق للجندي قاتل الشاب الفلسطيني عمار مفلح في حوارة، بعد أن أعدمه بدم بارد في وضح النهار، ليعقب على ذلك وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس بالقول: "دعمي الكامل للجندي (الإسرائيلي) الذي قتل الفلسطيني وعمل على تحييده في حوارة".
فيما قال وزير الأمن الداخلي الصهيوني المُكلف إيتمار بن غفير للجندي القاتل الذي أعدم الشاب عمار مفلح في حوارة: "أحسنت، عمل دقيق، أنا سعيد، لقد شرفتنا جميعًا، وفعلت ما تم تكليفك به".
ومن الواضح أن هذه العنصرية والتطرف انسحبت على المجتمع الصهيوني، وهو ما يكشفه استطلاع الرأي الذي أجراه المعهد (الإسرائيلي) للديمقراطية الذي قال إن 71% من (الإسرائيليين) يؤيدون إعدام الأسرى الفلسطينيين الذين نفذوا عمليات أدت لوقوع قتلى وجرحى، مقارنةً بتأييد 63% في عام 2018.
وأيد 55% من (الإسرائيليين) إعدام منفذي العمليات ميدانيا عند تحييدهم، مقارنةً بـ 37% في الاستطلاع الذي سبقه، كما أيد 45.5% إطلاق نار كثيف تجاه التجمعات السكانية الفلسطينية كرد على أي استفزاز من الفصائل، وذلك مقارنة بـ 27.5% قبل أربع سنوات.
مقارنة بيانات الاستطلاع تظهر موقف المجتمع (الإسرائيلي) من استخدام القوة العسكرية، حيث أيد ما نسبته 80% في عام 2018 مقولة أنه عند التخطيط لعملية عسكرية يجب على الجيش التأكد من أنها لا تنتهك قوانين الحرب الدولية، ولكن هذا العام انخفضت النسبة إلى 63%.
يُدرس بالمستوطنات
ويرى المختص في الشأن (الإسرائيلي) الدكتور محمد عودة أن هذا الأمر متراكم منذ سنوات والاحتلال يخطط له منذ ثمانينيات القرن الماضي إبان تشكيل حكومة بيقن ومحاولات الاستيطان والسيطرة والعودة للتوراة والفكر الديني المتطرف داخل المجتمع.
ويوضح عودة في حديثه لـ "الرسالة نت" أن التطرف ليس جديدا، وهناك مدارس دينية تؤسس له تحت إطار منهجي منظم ومنذ سنوات يتم تدرسيه للطلاب المستوطنين الذين أصبحوا اليوم يعملون في جيش الاحتلال ويحملون السلاح.
ويبين أن هناك تطورا رهيبا ودفعا مطلقا لهذا التطرف بعد أن أصبح حالة عامة داخل المجتمع الصهيوني ويدرس في مستوطنة يتسار وكريات أربع وغيرها.
ويشير إلى أن الجندي نفسه الذي يلبس لباسا دينيا ويحرس المستوطنة ويمارس القتل بحق شعبنا وهو تحول خطير وغير مسبوق، بعد أن أصبح هناك مليشيات ودواعش من المستوطنين يخططون للقتل والإجرام بحق شعبنا.
فيما يرى الكاتب والمختص في الشأن (الإسرائيلي) أيمن الرفاتي أن حالة التطرف وانجراف المجتمع الصهيوني له نابعة من حالة العجز التي تشعر بها القيادة العسكرية والأمنية والمستوطنين.
ويضيف الرفاتي في حديثه لـ "الرسالة نت" أن انحياز شعبنا لخيار المقاومة الذي يشكل تهديدا كبيرا لأمن الاحتلال ومستوطنيه أنتج هذه الحالة لدى الاحتلال في ظل العجز والفشل السياسي تجاه المقاومة وعجزهم عن منع الفلسطينيين من المطالبة بحقوقهم وتزايد العمليات الفدائية.
ويبين أن حالة التطرف هدفها الواضح هو ردع الفلسطينيين وإشاعة حالة من الإحباط لديهم، وأن كل عمل مقاوم ستكون ردة الفعل عليه كبيرة وعنيفة حتى لا يفكر الشبان والمقاومون في مواجهة جيش الاحتلال.
ويوضح أن هذا الأمر نتاج فهم خاطئ للطبيعة الفلسطينية والتمسك بالثوابت الوطنية لدى شعبنا الذي يؤمن بأن الحل الوحيد هو المقاومة للتحرر من الاحتلال واستعادة الحقوق.
ويشير إلى أن حالة التطرف لدى الاحتلال تحمل بُعدا سلبيا على القضية الفلسطينية وقد تؤدي لمواجهة شاملة مع الاحتلال وتوحد الجبهات الفلسطينية لمواجهة حجم الخطر الذي تمثله حالة الانجراف والتطرف في المجتمع الصهيوني.