يتزايد ظهور انقسامات في الشارع (الإسرائيلي) من خلال تضاعف أعداد المنخرطين في منظمات مناهضة لليمين في الفترة الأخيرة، فضلا عن تزايد أعداد الشبان الرافضين للخدمة العسكرية خشية وقوعهم تحت قرارات قادة اليمين المتطرف الذي حقق فوزا كاسحا في الانتخابات الأخيرة، مشكلا بذلك انزياحا (إسرائيليا) لافتا نحو الأفكار المتطرفة.
أورين زيف الكاتب (الإسرائيلي) في موقع محادثة محلية، ذكر أن "مصطلح "التمرد والعصيان" سمع في الأيام الأخيرة من أفواه كبار السياسيين اليمينيين (الإسرائيليين)، واعتبروه رد فعل مضادا للحكومة الناشئة، ومخططاتها الداخلية في المجتمع (الإسرائيلي)، أو تجاه الفلسطينيين، ولعل الإحجام عن التجنيد في الجيش يشكل ذروة مظاهر هذا العصيان بعد أن كان حتى الآن ظاهرة هامشية عدديًا، لكنه بدأ في التوسع مؤخرا، وتحديدا بعد ظهور نتائج الانتخابات، ليشمل قطاعات جديدة".
وأضاف في مقال له، أن "حقيقة التحولات التي سيشهدها المجتمع (الإسرائيلي) مردها إلى أن بن غفير وسموتريتش سيقودان السياسة الأمنية والعسكرية (لإسرائيل)، باعتبار ذلك تجاوزا للخط الأحمر بالنسبة للكثير من (الإسرائيليين)، وقد أبلغت المنظمات اليسارية والحقوقية والقانونية عن زيادة في عدد المنتسبين إليهم منذ إعلان نتائج الانتخابات، وتضاعف عدد المتقدمين لها، من الشبان والشابات وأولياء الأمور".
عيران فاردي المنسقة في منظمة "الرفض" أكدت أنه "بعد الانتخابات بدأنا بتلقي المزيد من الاستفسارات، وبعد أن جرت العادة أن يكون المتقدمون من الشباب الذين يستعدون للتجنيد الإجباري، فإن الجديد الآن أن يتقدم الآباء وأولياء الأمور، الذين يقولون إن أبناءهم ليسوا متأكدين مما يجب عليهم فعله بتنفيذ أوامر بن غفير وسموترتيتش، لكنهم يعلنون عدم استعدادهم ليكون أبناؤهم في جيش يقوده هذا الثنائي، وقد نصل مع مرور الوقت إلى ظاهرة من الرفض الجماعي، وزيادة أعداد الرافضين، حتى لو دخلوا السجن".
يشاي مينوهين من حركة "يوجد حدّ"، أكد أنه "منذ حرب لبنان الأولى 1982، نشهد زيادة في موجات الرافضين للانخراط في الجيش بسبب الانتخابات الأخيرة، وتشكل الحكومة المقبلة، وقد دخل على خط الرافضين الآباء والأمهات، بزيادة واضحة، لأن السياسة التي يعلن عنها هذا الثنائي أصبحت مرئية، وتم إزالة القناع عنهما، مما يثير مخاوف (الإسرائيليين)، لأن الجنود سيُطلب منهم أن يكونوا قوة ضمّ واحتلال وقمع، مما يعني أن يدخلوا في دوامة من الواقع العنيف".
وأضاف أن "نتائج الانتخابات الأخيرة تدعونا لكسر القواعد، وعدم إضفاء الشرعية على الخيارات الجديدة للحكومة المقبلة، ورفض خدمة الاحتلال، (..)، ويجب رفض الانخراط في اللعبة السياسية العنيفة التي فرضتها الانتخابات الأخيرة علينا، وعلى المنطقة بأسرها، لأنها تتضمن الحكم الوحشي على الفلسطينيين و(الإسرائيليين) إلى الأبد، يريدون تدميرنا، وجعل حياتنا مريرة، بتشكيل ائتلاف من المجرمين والمهربين والفاشيين، وقد حان الوقت لتحطيم الأطباق".
وأكد أن "الواقع الحالي لا يبرر الخدمة العسكرية في الجيش في الأراضي المحتلة، ودوري هو تمزيق الغشاء الذي يحيط بالإجماع الغبي الذي نراه، ويعامل الفلسطينيين كأعداء إلى الأبد، خاصة مع ما شهدته الآونة الأخيرة من تزايد الهجمات الإرهابية ضد الفلسطينيين بالقتل والهجوم العنيف من قبل الجيش دون محاسبة، ومع الحكومة الحالية، سنقتلهم أكثر، ولذلك أود رؤية المزيد ينضمون لدعوتي بوقف السلوك الإجرامي في الأراضي المحتلة".
وتؤكد هذه المعطيات أن المجتمع الإسرائيلي قد يكون عشية انقسام رأسي عمودي بسبب سياسات الحكومة المقبلة، ليس بالضرورة تعاطفا مع الفلسطينيين، ولكن لأن الواقع المستقبلي سيزيد من حدة المواقف المتطرفة بين (الإسرائيليين) أنفسهم، بسبب رغبة الوزراء المستقبليين فرض هوية جديدة عليهم من جهة، وتوسيع رقعة الإجرام ضد الفلسطينيين من جهة أخرى.
وبلغة الأرقام، فقد كشفت موجة حرب لبنان الأولى عن الزج بـ160 (إسرائيليا) في السجن من أصل 1500 رافض للخدمة العسكرية، وفي انتفاضة الحجارة تم الزج بـ180 في السجن من أصل ما يقرب من 2000 رافض للانخراط في الجيش، وفي انتفاضة الأقصى سُجن العشرات من بين الآلاف الرافضين للخدمة العسكرية، واليوم قد نكون عشية موجة رابعة يضاف إليها انقسام سياسي غير مسبوق في دولة الاحتلال.
عربي21