يبدأ غدا احتفال المتطرفين اليهود بما يسمى عيد الأنوار، أو “حانوكا” -(وهي كلمة عبرية تعني تدشين)- احتفالا بذكرى تدشين الهيكل -كما يدعي الاحتلال- في مدينة القدس ما قبل الميلاد.
ويعتبر هذا العيد من الأعياد اليهودية المختلقة والأكثر خطورة على المسجد الأقصى، كونه غير مرتبط برواية دينية يهودية أو مسيحية وإنما بقصة مختلطة ربطته بالهيكل المزعوم وهو من الأعياد الأكثر شعبية حيث يزيد فيه نشاط المنظمات المتطرفة والمتشددة.
وفي هذا العيد تنشط (منظمات الهيكل) مثل منظمات "نساء لأجل الهيكل"، و"طلاب لأجل الهيكل"، و"برنامج هليبا التوراتي" و"اتحاد منظمات الهيكل"، حيث بدأوا دعواتهم منذ بداية العام للمشاركة الواسعة في اقتحامات مكثفة ومستمرة للمسجد الأقصى المبارك، بذريعة إقامة طقوس وشعائر تلمودية للاحتفال بعيد الأنوار.
يقول الدكتور عبد الله معروف، المختص بقضايا القدس، إن الحاخامية الرسمية كانت تكتفي بالاحتفال على أرض حارة المغاربة المهدومة بعد اغتصابها من الوقف الإسلامي، ولكن جماعات المعبد المتطرفة تسعى منذ عام 2017 إلى تطوير عدوانها خلال هذا العيد ليتحول إلى ساحة الإمام الغزالي أمام باب الأسباط مباشرة، مطالبةً بإدخال طقوس إشعاله إلى داخل المسجد.
ويضيف معروف للتوضيح أكثر: "يتعمد المستوطنون نقل الرقص والغناء والاحتفالات بهذا العيد إلى مختلف أبواب الأقصى ليلاً، كأبواب السلسلة والغوانمة والقطانين، مستفيدين من حكم كانت محكمة الاحتلال العليا قد منحتهم إياه في 2017 ويقضي بالسماح بصلواتهم الجماعية العلنية على أبواب المسجد الأقصى من الخارج.
وبدوره يقول الأكاديمي والباحث المقدسي محمد هلسة إنّ الجماعات الاستيطانية ستستغل هذا العام عيد الأنوار لإقناع شعبها بأنه مرتبط برواية يهودية دينية وتحت ادعاء أن هذه الأعياد مرتبطة بالمسجد الأقصى تاريخياً، لحشد المزيد من المقتحمين تجاه المسجد الأقصى.
وأشار هلسة، في تصريح صحفي، إلى أنّ سلطات الاحتلال كانت قد أضاءت "الشمعدان" خلال هذا العيد اليهودي العام الماضي في محيط الحائط الغربي للأقصى، بحضور بعض من الدول العربية المطبعة مع الاحتلال.
وبين الأجواء تبدو متاحة أكثر هذا العام للمستوطنين في ممارسة طقوسهم التلمودية لأن ممثليهم الآن موجودون في تشكيلة الحكومة القادمة، ما يشجعهم على توسيع اقتحاماتهم للمسجد الأقصى وإضاءة الشمعدان.
فيما يرى ناصر الهدمي أن الحكومة الحالية التي تضم "بن غفير وشركاه" تصعّد بشكل واضح، موضحاً أن ذلك يرجع ليس لأنهم أكثر تطرفا ممن سبقوهم، بل لأنهم أكثر وقاحة مستغلين الظروف التي تعيشها المنطقة.
وبيّن في مقابلة مع "الرسالة" أنهم قدموا وعودا في حملاتهم الانتخابية وآن الأوان لتنفيذها، مع حلول أول موسم أعياد بعد توليهم.
ويقول الهدمي: هناك عامل مهم، هو أن هذه الاقتحامات تعتمد بشكل كبير على سكان المستوطنات في الضفة، والجمعيات الاستيطانية توفر لهم حتى المواصلات الآمنة والمجانية للقدوم إلى القدس والمشاركة في الاقتحام.
ويتابع: لكن سكان هذه المستوطنات قد تأثروا في خروجهم وتنقلهم بالأوضاع الأمنية التي سببتها العمليات الفلسطينية من مدن الضفة وهذا قد يؤثر على عدد المشاركين منهم.
والعامل الآخر- من وجهة نظر الهدمي- هو الوضع الداخلي الأردني، فالأردن مشغول بالأوضاع لديه، وليس لديه القدرة على الاحتجاج ورفض هذه الاقتحامات والوقوف في وجهها وهذا سيعطي المستوطنين فرصة لتحقيق أهدافهم.
ويشير إلى أن الاقتحام أمر واقع فرضته الحكومات المتعاقبة وهي العنصر الأهم في عملية تهويد الأقصى المبارك ورغم كل الظروف التي تمر بها المنطقة فستكون أي حكومة حريصة على تنفيذ الاقتحام.
ويستمر عيد الأنوار "الحاكونا" من 18 حتى 26 من ديسمبر/كانون الأول الجاري، ومن أهم رموزه الشمعدان الذي تضاء شعلة جديدة منه يوميا على مدار 8 أيام.