قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: استثمار إرادة الأمة في تحقيق النصر

بقلم/ خالد النجار

شكّل اندفاع الشعوب نحو فلسطين وإظهارها كجزء من مصالح الأمة ضربة في خاصرة الاحتلال، لأن حالة التدافع لم تكن عفوية أو خالية من القصد والمضمون، بل جاءت ضمن خارطة فكرية رسمتها تضحيات الشعب الفلسطيني في وجدان الشعوب الحرة، والتي أظهرت ولائها لقضية فلسطين، واستعدادها خوض غمار التحديات للدفاع عن أعدل قضية عرفها التاريخ، فمسألة البناء الفكري بحاجة لسنوات من العمل والنضال، لكنه اليوم يتجسد في أقصر فترة زمنية في قطر، وفي كل مكان يدعم فلسطين، وهو ما يعزز مشروع الإرادة الذي يؤكد أننا بحاجة إلى الآتي:

1. استثمار الحدث الرياضي العالمي وما نجم عنه من ثورة فكرية ضربت مفاصل أعداء الأمة، وجعلتهم يعيدوا قراءتهم للتكوين النموذجي للأمة العربية والاسلامية والتي كانوا يعتقدون أنها تائهة بين طواحين الغرب.

2. العمل على تصويب الكثير من المفاهيم التي تلاعب بها الاحتلال تجاه القضية الفلسطينية، وأن تكون تلك المفاهيم ضمن حالة وحدوية تؤسس لاستعادة النهضة الفكرية والسياسية العربية، التي هي بالأساس صلب العلوم السياسية والوعي في كل المجالات، لأن العرب هم المؤسسون لكل تلك العلوم التي جاءت في القرآن الكريم، وفي سنة النبي صلّ الله عليه وسلم.

3. أن نعيد تفعيل الشباب في أوساط المجتمعات العربية، في معظم المجالات المؤسساتية، والسياسية، والثقافية، والمجتمعية، والاقتصادية، والرياضية، وأن يحظى الشباب باهتمام عال، باعتباره الطاقة التي تجدد الدماء وتصنع المستقبل وتحمي الأوطان، إذ لاحظنا دور الشباب في مونديال قطر 2022 وهم يجسدون صورة ناصعة في اثبات الحق الفلسطيني، ورفض التعاطي مع الاحتلال، بل الدعوة لتحرير فلسطين، وهي حالة نابعة عن وحدة الشعوب في الفهم العام لقضية فلسطين وقضايا الأمة.

4. أن تعمل كل مكونات المجتمع المدني للتصدي لمحاولات عدو الأمة (الاحتلال) والذي يسعى للفصل بين حاجة الشعوب في التحرر وبناء الأجيال، وبين حاجة الحكام في التطبيع وفقدان الدول وزنها الاقليمي والدولي، إذ إن بعضًا من جنرالات السياسة في أوساط العدو يراهنوا على مواصلة صعود الشباب والتفافهم حول القضية الفلسطينية، ويحذرون حكومتهم الصهيونية من هذا التغيير الذي طرأ في الشهرين الماضيين، معتبرين أن ما يحدث ينذر بمصير مجهول لكيان الاحتلال في الأعوام المقبلة.

بالتأكيد أن جميع المتغيرات على الأرض لن تصطدم بنظرية صفرية لدى الاحتلال، لأن تجاوز التحديات لم تكن خارج كل تلك الحسابات، والسيناريوهات المطروحة ستعزز من مواصلة التطبيع، واتساع رقعته بين الأنظمة، في إطار نظريات الردع المعنوي الذي يعمل بها الاحتلال لاستهداف الشعوب العربية منذ سنوات طويلة، وهذا لا يجبر الشعوب على الاستسلام، بل يدفعها لمواصلة الزحف نحو حماية مشروعها العربي والنضالي والذي تحميه الإرادة وصلابة الموقف وبنيان العزيمة، ورباطة الجأش، والانتصار.

البث المباشر