‏"الحبس المنزلي".. واقع مرير تعاقب فيه (إسرائيل) أسرة بكاملها ‏

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-إسراء الصباغ

الجلوس عند باب العامود وزراعة شجرة في أرض مُطلة على المسجد الأقصى، تنظيف شارع أو ‏حتى التكبير في الساحات، وضع الكوفية الفلسطينية على الأكتاف، التواجد بالقرب من الأحياء ‏المتداخلة كحي الشيخ جراح..
كل ذلك يبدو للعيان أمرا‏ طبيعيا‏ ولا جرم فيه، لكن الاحتلال ‌‏(الإسرائيلي) يعتبره مساسا‏ بالسيادة التي يفرضها على مدينة القدس ويعاقب الفلسطينيين عليها ‏بالحبس المنزلي أو الإبعاد وأساليب أخرى يسعى من خلالها لتفريغ المدينة من الوجود الفلسطيني.‏
رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب قال إن سياسة الحبس المنزلي ‏القديمة المتجددة ظهرت جلياً بعد موجة الاحتجاجات التي شارك بها الأطفال عقب اختطاف ‏المستوطنين للطفل محمد أبو خضير وقتله عام 2014.‏
وأكد أن الخوف انتُزع من قلوب الأطفال وهذا ما يؤرق الاحتلال ويرهقه، فاستهدفهم بالاعتقال ‏وضربهم أمام آبائهم وحبسهم منزليا ليخبروهم "أنكم لستم بمأمن وأنه لا يوجد لكم سند منيع".‏


‏"معاناة مضاعفة"‏

وأوضح أبو عصب "للرسالة نت" أن الاحتلال لديه خطط خبيثة لضرب النسيج الاجتماعي ‏وتجهيل الأطفال بتحويلهم من الحبس الفعلي للحبس المنزلي بشروط قاسية، فيجعل من ذويهم ‏سجانين ومن بيوتهم سجونا بحيث يمنع ترك الطفل وحده في المنزل وضرورة وجود كفيل على ‏الأقل بجانبه على الدوام.‏
ويضيف أبو عصب: "يُجبر الطفل خلال فترة الحبس المنزلي على عدم الخروج من البيت بتاتاً، ‏وقد وُضع لبعضهم أجهزة تتبع "سوار إلكتروني" مع ‏GPS، ونادراً ما يُسمح لهم، في مراحل ‏متقدمة وبعد أشهر من الحبس المنزلي، بالتوجه إلى المدرسة أو العيادة برفقة الكفيل"‏.
وتابع أبو عصب: "الحبس المنزلي عقاب جماعي وتقييد لحرية الأسرة بأكملها سيما عندما يقضى ‏عليهم بالحبس في منزل آخر يحدده الاحتلال خارج المدينة ما يضطر الأهالي لإيجار البيت ما ‏يكبدهم خسائر مالية"‏.


‏"الآثار النفسية والاقتصادية"‏

المقدسي سيف الدين النتشة اعتقل بتهمة نقل أموال من تركيا إلى القدس وعند التحقيق معه في ‏الزنازين عجز الاحتلال عن إدانته فحوله للحبس المنزلي لمدة تجاوزت الثلاث سنوات قلبت ‏حياته رأسا على عقب.‏
النتشة يقول: "كنت متزوجا من اثنتين، وأب لـ 6 أطفال حكم القاضي علي بالمكوث ثلاث ليالٍ ‏عند واحدة وأربعا عند الأخرى"، مؤكدا أن الضغوطات والمشاكل التي سببها الحبس المنزلي أثرت ‏على علاقته معهن التي انتهت بالطلاق".‏
وأضاف النتشة "للرسالة نت":" مكوثي في المنزل أفقدني مصدر رزقي وساهم في سوء وضعي ‏الاقتصادي كما حرمني من المشاركة في العديد من المناسبات الاجتماعية، فتوفيت جدتي لكني ‏لم أستطع توديعها والصلاة عليها".‏
ويروي أن ابنه سقط في إحدى المرات على باب منزله ولم يتمكن من نجدته ما أثر على صحته ‏النفسية، موضحا أن الآثار النفسية المترتبة على الحبس المنزلي كثيرة كالانفعال والعصبية الزائدة ‏مما يؤدي لاتخاذ قرارات مصيرية خاطئة. ‏
وذكر النتشة أنه أصيب بجلطة أثناء الحبس المنزلي، وبإذن من سلطات الاحتلال تم نقله ‏للمستشفى وعلى إثر ذلك حول للحبس الفعلي بتهمة خرق شروط الحبس.


‏" تكميم الأفواه"‏

الصحفية لمى أبو غوشة هي الأخرى لا زالت تخضع للحبس المنزلي بتهمة التحريض بالنشر ‏على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤخرا وبعد قضاء أكثر من تسعين يوما بالحبس، أرسلت رسالة ‏بصوتها تقول " تحولت من صحفية نشيطة ألاحق صوت المهمشين والمهمشات.. من طالبة ‏ماجستير إلى إنسانة معزولة عن العالم الحقيقي والافتراضي".‏
وتحدثت لمى عن معاناتها في الحبس فهي محرومة من أبسط حقوقها كأم ولم تعد قادرة على ‏إيصال أطفالها للمدرسة التي لا تبتعد عن منزلهم سوى كيلومترات قليلة ولا اصطحابهم للتنزه في ‏الأماكن القريبة.‏
وأشارت غوشة إلى أن حبسها المنزلي غيب طفولة أولادها الذين باتوا يدركون معنى السجن ‏والمحكمة والجيش. ‏
يذكر أن سلطات الاحتلال نفذت ما يزيد عن 3 آلاف حالة اعتقال في مدينة القدس منذ بداية ‏العام، نحو 650 حالة اعتقال طالت الأطفال بينهم 25 طفلة معظمهم يطلق سراحهم بشرط ‏تحويلهم للعزل المنزلي.‏
ويعاني الأطفال بعد حبسهم منزليا من العزلة وتساقط الشعر والتبول اللاإرادي وبعضهم يحاول ‏الانتحار.‏

البث المباشر