شهد عام 2022 الذي يطوي صفحاته الأخيرة، نقلة نوعية في عمليات المقاومة ضد الاحتلال ومستوطنيه في الضفة والداخل المحتل، إلى جانب التحول من العمل الفردي إلى المنظم وظهور تشكيلات ومجموعات عسكرية كـ "عرين الأسود" وكتيبة جنين وغيرها لأول مرة بالضفة.
ورصد مركز المعلومات الفلسطيني معطى، ارتفاعاً ملحوظاً في أعمال المقاومة بالضفة منذ بداية العام الجاري 2022، حيث بلغت أكثر من 10 آلاف عمل مقاوم، بينها 639 عملية إطلاق نار، و33 عملية طعن أو محاولة طعن، و13 عملية دهس أو محاولة دهس.
وأدت عمليات المقاومة منذ بداية العام الجاري، لمقتل 25 مستوطناً وجندياً (إسرائيلياً) وإصابة نحو 420 آخرين بجراح في حصيلة هي الأعلى منذ عام 2015.
ويمكن القول إن أبرز العمليات التي زلزلت كيان الاحتلال خلال هذا العام، كانت التفجير المزدوج لحافلات في مدينة القدس، التي أسفرت عن مقتل مستوطن (إسرائيلي) وإصابة 22 آخرين.
إلى جانب عملية الشهيد ضياء حمارشة الذي أطلق النار في "تل أبيب"، في 29 مارس، ما أدى لمقتل 5 مستوطنين وإصابة 6 آخرين، وعملية الشهيد رعد خازم في 7 إبريل، والتي أدت لمقتل 3 مستوطنين وجرح 15 آخرين، وعملية الدهس والطعن التي نفذها الشهيد محمد أبو القيعان بمدينة بئر السبع المحتلة في 22 مارس، وأدت لمقتل 4 جنود وإصابة 2 آخرين.
كما شهدت عملية الشهيدين إبراهيم وأمين اغبارية في الخضيرة المحتلة بإطلاق نار نقلة نوعية للعمل المقاوم وقتل فيها (إسرائيليان) وجرح 12 آخرون، إلى جانب عملية إطلاق نار وطعن نفذها الأسيران أسعد الرفاعي وصبحي عماد في مستوطنة إلعاد شرق (تل أبيب)، قتل فيها 3 وأصيب 4.
بالإضافة إلى عمليات نوعية خلال شهر أكتوبر، ففي يومه الثامن نفذ الشهيد عدي التميمي عملية إطلاق نار في القدس المحتلة أسفرت عن مقتل (إسرائيلي) وإصابة خمسة بجروح، وفي 29 أكتوبر، نفذ الشهيد محمد الجعبري عملية إطلاق نار قرب مستعمرة "كريات أربع" شرق الخليل، قتل فيها (إسرائيلي) وأصيب 5 آخرون.
ونفذ الشهيد محمد صوف في 15 نوفمبر، عملية طعن في مستوطنة (أرئيل) المقامة على أرض مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، قتل فيها ثلاثة مستوطنين وأصيب ثلاثة آخرون بجروح خطيرة.
ودخلت الضفة خلال عام 2022 مرحلة جديدة عنوانها المقاومة وتحدي عربدة الاحتلال والمستوطنين، بمجموعات من المقاومين الشباب الذين وضعوا على عاتقهم التصدي لاقتحامات الاحتلال والثأر لدماء الشهداء، فبرزت مجموعات المقاومة من كتيبة جنين وعرين الأسود وغيرها.
واتخذت مجموعة من المقاومين البلدة القديمة في نابلس عرينا ونقطة انطلاق للتصدي لاقتحامات الاحتلال، والاشتباك معه، حتى استشهد المقاومان محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح، حيث جرى الإعلان رسميا في حفل تأبينهما عن اسم "عرين الأسود" كجسم عسكري جامع لعناصر المقاومة من الفصائل الفلسطينية في نابلس.
وبدأ اسم العرين ينتشر في الأرجاء مع عمليات فدائية وتصدٍ بطولي لقوات الاحتلال، ولتعمّد بالدم مع قافلة من الشهداء طريق التحرير، ما أنتج تجاوبا شعبيا واسعا من الجماهير مع دعوات العرين للتظاهر ومواجهة اقتحامات المستوطنين والاحتلال.
كما انضم المقاومون في عدة مواقع بالضفة لمجموعات مقاومة أخرى كمجموعة "كتيبة بلاطة" و"حزام النار" الذين نفذوا عدة عمليات إطلاق نار استهدفت قوات الاحتلال والمستوطنين.
وبرزت كتيبة بلاطة بعمليات التصدي لاقتحام الاحتلال للمنطقة الشرقية من نابلس وقبر يوسف، حيث خاضت اشتباكات عنيفة، وزرعت الخوف في صفوف المستوطنين، حيث اضطر الاحتلال لتوفير قوة عسكرية كبيرة لتأمين اقتحام المستوطنين قبر يوسف.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي عامر سعد، أن عام 2022 كان نقطة فارقة بين مشروع السلام الاقتصادي الذي يسيطر على الضفة ومشروع المقاومة المتصاعد والمتنامي فيها.
ويضيف سعد في حديثه لـ "الرسالة" أن هذا العام أثبت فشل المشروع الأمريكي (الإسرائيلي) بمعاونة السلطة لخلق كي وعي جمعي في الضفة يؤمن بالقيم الاستهلاكية وينبذ المقاومة فيما كان مشروع المقاومة يشهد نشوته وتصاعده.
ويبين أن الضفة استطاعت تقويض كل الرهانات وأثبت أن الجيل الذي راهن البعض على تدجينه، متعطش للمقاومة واسترداد أرضه، مما دفع الكثير من الشباب إلى الانخراط في العمل الجهادي.
ويتوقع سعد أن يشهد العام المقبل تزايد التشكيلات العسكرية وتصاعد المزيد من العمليات النوعية؛ لتكون باكورة للعمل المقاوم المساند لشعبنا في ظل تزايد جرائم الاحتلال في مختلف المناطق الفلسطينية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أيمن ضراغمة، أن تصاعد المقاومة وتشكيلاتها يأتي كرد فعل طبيعي على ممارسات الاحتلال التي يحاول فيها فرض ما يسمى بالسيادة على القدس والمسجد الأقصى.
ويوضح ضراغمة في حديثه لـ "الرسالة" أن ظهور هذه التشكيلات العسكرية خلال العام 2022 يعني ظهور جيل جديد يتبنى خيار المقاومة المسلحة ويدعمها كتوجه في ظل فشل المسارات الأخرى.
ويشير إلى أن محاولات الاحتلال المتواصلة لن تنجح في وقف هذا التنامي، بل سيشهد العام المقبل المزيد من الهبات الشعبية والعمليات النوعية.