لا يشير الموقف السياسي الذي تتبناه قيادة السلطة الفلسطينية إلى وجود أي تغيير جوهري، أو تبني استراتيجية وطنية للتصدي لمخططات حكومة بنيامين نتنياهو الفاشية والأكثر تطرفا في تاريخ الصراع.
وتشير المعطيات إلى أن رئيس السلطة محمود عباس لن يتخذ خطوات على صعيد السياسات التي يتبناها في العلاقة مع حكومات الاحتلال (الإسرائيلية) المُتعاقبة على مختلف توجهاتها الدينية وتعاملها مع القضية الفلسطينية.
ورغم أن تصريحات وزراء حكومة الاحتلال الجُدد المتشددين تجاه أفق تعاملهم مع السلطة والصراع الفلسطيني، انكشفت حتى قبل أداء هذه الحكومة اليمين في الكنيست (الإسرائيلي) بتهديدات وزير الأمن الصهيوني الداخلي إيتمار بن غفير الذي توعد بمسح السلطة، إلا أن الموقف مازال رماديا تجاه الخطوات التي ستسير بها الأخيرة أمام هذا الواقع.
*** المراوحة في المكان
ويرى المحلل السياسي خالد العمايرة، أن السلطة تصر على البقاء في واد آخر عن مسار ورغبة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال تتمسك بنهجها القائم على استمرار البحث عن أي مسار لإحياء أي تسوية سياسية وإن اندثرت.
ويوضح العمايرة في حديثه لـ "الرسالة" أن مسلك قيادة السلطة قائم على نموذج خروف العيد "أطعمني اليوم واذبحني غدا" وهو نهج لا يمكن التعويل عليه شعبيا أو حتى على الصعيد الدولي، على حد وصفه.
ويبين أنه رغم تقزّم مساحة السجادة التي تقف عليها قيادة السلطة، إلا أنها ستزداد قربا من الاحتلال ولن تفعل أي خطوات راديكالية لمواجهة الحكومة النازية بل ستستمر في كسب ودها ومحاولة استعطاف بن غفير ونتنياهو عبر اتخاذ المزيد من الخطوات الاستسلامية.
ويستبعد العمايرة أن تتجه السلطة لتغيير مسارها المعروف منذ توقيع اتفاقية أوسلو، وستحافظ على القليل من مكانتها في نظر الاحتلال بالتمسك بالتعاون الأمني وتعزيز مساره.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد، أن السلطة بهذه الحالة لا تمثل الشعب الفلسطيني أو الحالة الثورية القائمة ولا يمكن حتى الرهان عليها لمواجهة الاحتلال.
ويضيف العقاد في حديثه لـ "الرسالة" أن تنصيب حكومة نتنياهو يضع السلطة أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما إما أن تكون مع شعبنا وتغادر المساحة الرمادية وتنصهر بالكلية مع خيار المقاومة، أو تستمر بالتقرّب من الاحتلال كما عودتنا.
ويشدد على أن شعبنا يراهن على الحس الوطني لبعض أفراد وقيادات حركة فتح التي بدأت تنضوي تحت مظلة المقاومة وتدعم مجموعات عرين الأسود والخيار المسلح في الضفة وتدعم غرفة العمليات المشتركة للمقاومة بغزة.
ويشير إلى أن حكومة نتنياهو الحالية قائمة على حالة "الجنون الفعلي" بعد أن وصلت عصابات التلال وتدفيع الثمن لمناصب عُليا فيها، الأمر الذي يتطلب موقفا فلسطينيا متصلبا في مواجهة هذه الحكومة وقراراتها.