كريم وماهر.. 12 يوما تفصل بين قبو القبور وحرية الحياة!

الرسالة – محمود هنية

ابنا القضية ذاتها، امتشقا البندقية سويًا وحددا الهدف وصوبا الرصاص معا تجاه عدو خبراه جيدا وعرفا أنه لا يمكن العيش معه، رغم محاولات التذويب التي رغب الاحتلال فرضها على فلسطينيي الداخل.

من عارة الواقعة في المثلث الشمالي بالداخل المحتل، ولد كريم وماهر يونس اللذان تسلما سويا عمادة الأسرى، بعد أن تجاوزت المدة التي قضياها سويا في المعتقل العقود الأربعة.

 طيلة هذه المدة كان الاحتلال قد وضع فيتو على اسميهما في أي صفقة تبادل تجري، بذريعة أنهما من حملة الجنسية (الإسرائيلية).

12 يوما كانت الفترة الفاصلة في مدة الاعتقال بين الإثنين، فكريم اعتقل أولا، ثم بعد أسبوعين حكم عليه بالإعدام، وهو حكم ينفذه (الإسرائيلي) على أية حال بشكل صامت مع عشرات الأسرى الفلسطينيين.

وبعد ضغوط كبيرة، تقلص الحكم لمؤبد مدى الحياة، ثم نجحت عائلته عبر جولات من الاستئناف تحديد مدة 40 عاما للاعتقال لكل من كريم وماهر، على خليفة العملية التي نفذاها وقتلا فيها جنديا (إسرائيليا).

ماذا تغير طيلة العقود الأربعة؟ هنا يجيب نديم وهو شقيق كريم، "لا شيء مما كان سيكون، فلا والدين استقبلاه، حتى أن والدته التي كانت تترقب وصوله كل ثانية توفيت قبل أقل من عام دون أن تشتم رائحة حريته".

شوارع القرية وحواريها وكل عتيق يدل على رائحتها، تبدل وتغير، فهنا تقريبا كل شيء بات قابلا للتغيير، لكنها قيمة واحدة يحتفظ بها كريم ومن خلفه الرجال حين قالها بشكل واضح، "لست نادما ومستعد لأربعين عاما أخرى في السجون".

يقول نديم إن شقيقه يحاول التعرف على المدينة، وكانت أول خطوة خطتها أقدامه عند قبر والدته، متحدثا لها بلغة الدموع "خرجت يما".

يصعب على نديم وصف شعور شقيقه الذي ترك من خلفه "عشرة عمر"، ويحاول أن يقضي ما تبقى منه متحسسًا ماضيه.

لم ينس كريم صديق العمر ماهر حتى في أجمل لحظات الإفراج حين بادر يقول لمهنئيه: "خرجت لأعاين الوضع وأرى إن كانت التجربة خارج السجن تستحق  أن يخرج ماهر لأجلها.

وسيجري تنظيم احتفال كبير في رام الله لاستقبال كريم، وهو عضو لجنة مركزية بحركة فتح، وجرى اختياره في المنصب عام 2017م، بحسب نديم، كما أن ماهر سيجري الإفراج عنه بعد 12 يوما.

وقبيل أيام من الإفراج عنه، نادت عصابات (إسرائيلية) بضرورة سحب الجنسية من كريم وماهر معا، لكن العضو العربي بالكنيست سابقا باسل غطاس، قلل من أهمية وجدوى هذه الدعوات التي لا تتوقف، رغم تصاعد اليمين المتطرف.

وقال غطاس لـ"الرسالة نت" إن هذه الدعوات تأتي في ظل المناخ الذي تسيطر عليه عصابات اليمين المتطرف، وفي المحصلة لا جدوى حقيقية منها.

وأكد أن الجنسية (الإسرائيلية) لا تلغي هوية الفلسطيني الذي ينتمي إليها ولثوابتها ويستشعر حقيقة الانتماء لهذه الأرض، وعلى استعداد للدفاع عنها.

وأكد أنه من الضروري خوض استراتيجية نضالية شعبية واسعة؛ لتسليط الضوء على قضية الأسرى وما يتعرضون له من ظلم وإجحاف يتناقض مع أبسط قيم القانون الدولي.

وولد يونس، الملقب بعميد الأسرى الفلسطينيين، يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1956، في قرية عارة الواقعة في المثلث الشمالي بالداخل الفلسطيني المحتل.

وواصل رحلته التعليمية داخل السجون (الإسرائيلية)، فالتحق بالجامعة المفتوحة في أبو ديس، وأنهى دراسة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وأشرف على عملية التعليم الجامعي للأسرى، وكان يشجعهم على كسر أحد أهداف الاحتلال في طمس الثقافة والوعي.

وعرف يونس بين زملائه الأسرى، بأنه كان "طالبا مجتهدا ومثقفا، وذا شخصية جريئة مناضلة وشجاعة، كما كان سياسيا مبادرا رغم طبعه الهادئ، وكان يتفانى في الصراع مع إدارة السجون من أجل حقوق الأسرى، كما اتصف بالصبر والصمود".

البث المباشر