قال الحقوقي د. عصام عابدين الخبير في الشؤون القانونية والحقوقية، إنّ الضفة المحتلة تعيش في مرحلة "انهيار كامل وانحطاط شامل لمنظومة القيم وحقوق الإنسان".
وأوضح عابدين في حوار خاص بـ"الرسالة نت" أن هناك انهيار في النظام السياسي الفلسطيني ككل، وتفرد في السلطة والقرار، مبينا أن ذلك توج مؤخرا بسيطرة رئيس السلطة محمود عباس المنتهية ولايته بنصّ القانون على السلطات القضائية.
وأضاف: "لم يحصل في العالم أن رئيسا منتهي والولاية يسيطر على كامل النظام بجوار بعض المتنفذين"، مشيرا إلى أن عباس قد نزع صلاحيات حكومته بوصفها "السلطة التنفيذية"، وجردّها بالكامل عبر القرارات بقانون الصادرة عنه.
وبين أن الانهيار الحاصل في النظام السياسي طبيعي إذا اجتمعت السلطات العامة بيد شخص واحد، فحينئذ تنتهي الحريات ويستشري الفساد.
ويتابع عابدين: "الفساد في الضفة أصبح مستشريا وممؤسسا، وهو أخطر أنواع الفساد".
وأشار إلى وجود "حملة ممنهجة في عمليات الانتهاكات الجارية بالضفة"، مكملا: "هناك استهداف واستدعاء وحجز تعسفي تستهدف الطلبة والأسرى المحررين ومقاومين مطلوبين للاحتلال".
اعتقال مصعب اشتيه يحتوي 4 جرائم مركبة
** 4 جرائم!
وأكدّ أن توقيف المطلوبين للاحتلال تحديدا في حالة مصعب اشتيه، ينطوي عليها 4 جرائم مركبة، وهي أولا جريمة دستورية موصوفة بحسب المادة الـ32 في القانون الأساسي الفلسطيني الذي يمثلّ الدستور".
وثانيها يعدّ جريمة فساد موصوفة ضمن قانون مكافحة الفساد؛ لما تمثله من استغلال سلطة ونفوذ، تبعا لقوله، أما ثالثها، فهي جريمة وفق قانون العقوبات الذي يجرّم الاحتجاز التعسفي.
ويضاف لها جريمة رابعة تتمثل في عدم تنفيذ قرارات قضائية، وهي بحسب المادة 106 من القانون الأساسي، تعدّ جريمة تستوجب الحبس والعزل من الوظيفة، والقول لعابدين.
النظام السياسي في حالة انهيار كامل
** تقصير واضح
في غضون ذلك، ألقى عابدين باللوم على مؤسسات المجتمع المدني والحقوقي، معتبرا أن هناك تقصير واضح وغير مبرر من مؤسسات المجتمع المدني والحقوقي في التعامل مع الاعتقالات الواسعة التي تستهدف اشتيه ومعتقلين آخرين".
وأكدّ أنه من المشين والمعيب على المؤسسات الحقوقية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية الصمت حيال الاعتقالات السياسية.
وذكر عابدين أن مواجهة هذه الاعتقالات لا تكفي بإصدار البيانات؛ بل يجب أن تتبع بأدوات ضغط ومناصرة وإصدار بيانات للإمم المتحدة، والعمل على توفير آليات محلية ودولية؛ لضمان تنفيذ قرارات الافراج عن المعتقلين وإلزام دولة فلسطين بموجب الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.
الفساد في الضفة أصبح مستشريا وممؤسسا
** تناقض!
وحول تنصّل السلطة من مسؤولية الاعتداء على المتظاهرين في نابلس رفضا لاحتجاز اشتيه، أجاب: "هذه منهجية هم فعلوا ذلك عندما اغتيّل نزار بنات، نفس الأسطوانة من التبرير والتضليل".
واستغرب من التناقض الواضح بين مطالبات السلطة للاحتلال بوقف الاعتقال الإداري، "فيما تمارسه هي، وإلّا فماذا نسمّي الاعتقال على خلفية ذمة المحافظ؟"
وقال:" تنادي السلطة الاحتلال بوقف التعذيب وسوء المعاملة للأسرى، وهي تمارس الشيء نفسه مع المعتقلين السياسيين.
صمت المؤسسات الحقوقية والمجتمع الدولي "مشين ومعيب"
** استحقاق الانتخابات!
في السياق أكدّ أن هذه الجرائم هي أقرب المؤشرات للانهيار الحاصل في النظام السياسي، والتي تستوجب العمل الفوري والجاد لاجراء انتخابات عامة للرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني كاستحقاق دستوري.
وعدّ طرح سؤال "من يخلف عباس"، بمنزلة "جريمة متعمدة لإلهاء وتضليل الناس عن حقهم الدستوري في اجراء الانتخابات، وأن الهدف منها ترك الناس للنقاش في قضايا غير دستورية".
وأشار إلى ضرورة الدفع لتوفير بيئة انتخابية حرة وشفافة، يسبقها برنامج عدالة انتقالية، تتضمن وقف الانتهاكات الجسيمة لانتهاكات حقوق الانسان، والانتقال من عهد الظلم لاحترام القانون والحريات.
ودعا إلى تشكيل لجنة تقضي حقائق والمسائلة الجنائية على الانتهاكات، إلى جوار التعويض وجبر الضرر، وتخليد ذكرى الضحايا والاعتذار الرسمي والتعهد بعدم تكرار هذه المأساة.
ولفت إلى اغلاق السلطة قرابة مئة مؤسسة منذ أحداث الانقسام عام 2007 لهذه اللحظة ، بطرق غير قانونية.