"كل تعب السنين إلي حطيته في بيتي راح"، قال إبراهيم ناجي، من كفر الديك، الشاب الذي جمع شقاء عمره في بيت، كما يفعل كل فلسطيني على هذه الأرض. لكن الفلسطيني لا يشبه أخاه، فمنهم من يعيش على حد فاصل بين أراضي "أ" و "ج"، حيث يمنع البناء؛ لأن الاحتلال حكم على أرضك بأنها لم تعد ملكك.
بكت أم إبراهيم فقد البيت، وابنها إلى جانبها يشد من أزرها، وإخوته يناشدونها ألا تبكي أمام إبراهيم؛ حتى لا تثير وجعه أكثر، ولكن أحلام إبراهيم المعلقة دفنت تحت رماد البيت، الذي قرر الاحتلال هدمه أمس، في بلدة كفر الديك غربي سلفيت، والمكون من ثلاثة طوابق؛ بحجة البناء في مناطق "ج".
حرب (إسرائيلية) تتقصد بيوت المواطنين في كفر الديك، بيت مأهول بالسكان أخلاه الاحتلال قبل أن يدفع بجرافات الهدم، لأن المنطقة يمنع فيها البناء، حسب اتفاقية أوسلو، حتى وصل عدد البيوت التي استلمت قرارات الهدم إلى 150 منزلا.
من بعيد رصدت كاميرات الاحتلال السيارات وهي تخترق جدران المنزل وتسقطه، والشبان الذين يهاجمون قهرا تلك السيارات، ويتوقعون أن تنفجر الأوضاع أكثر بسبب الإرهاب (الإسرائيلي)، وآخر يقول: "كل البلد أصبحت "ج"، أين نذهب بأبنائنا؟!".
وتتعرض سلفيت لهجوم استيطاني شرس، يدفع الأهالي ثمنه، ويسعى لتصفية الوجود في القرية، يقول إبراهيم الناجي: "قدمنا الكثير من الاعتراضات، وفي النهاية كان القرار من المحكمة، شعرت أن شقاء عمري راح في ساعة واحدة، لكني سأبني أحسن منها".
300 متر سويت بالأرض، وأغلقت المنطقة، واعتدى الاحتلال على السكان والشباب المتجمهرين رفضا للقرار.
محافظ سلفيت، عبد الله كميل، قال: "ما حدث هو ترجمة لما يسعى الاحتلال لتحقيقه، هي حكومة التطرف والاستيطان، حتى الآن نسفت ثلاثة بيوت في أسبوع واحد، ولا زالت البيوت مهددة".
ويتابع: "ما يجري جريمة ضد حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وقتل لأحلام الشباب، وهو تجسيد لسياسة بن غفير القائمة على التمادي في الاستيطان والتهجير، وكفر الديك في خطر كبير".
وتأتي عملية الهدم هذه؛ تنفيذا لقرار المجلس الوزاري التابع للاحتلال، الذي يقضي بمنع الفلسطينيين من التوسع والبناء في المناطق المصنفة "ج"، في خطوات تصعيدية بحق الفلسطينيين، وضمن سياسة الانتقام ردا على توجه القيادة الفلسطينية إلى المحاكم الدولية.
خالد منصور- مختص في شؤون الاستيطان- يقول "للرسالة": "إن مخططات بلدية كفر الديك تؤكد أن التوسعة الاستيطانية في القرية بلغت 17 ألف دونم، 7 آلاف دونم منها أقيمت فوقها فعليا 4 مستوطنات، ناهيك عن منطقة "ظهر صبح" المصادرة، مبينا أن مساحة المخطط الهيكلي لمنطقة كفر الديك هو 1246 دونمًا فقط".
وبحسب هيئة مقاومة الاستيطان والجدار، فإن أراضي كفر الديك من أكبر وأكثر المناطق المستهدفة في محافظة سلفيت؛ حيث يجري تجريف أراضٍ غربي البلدة؛ لصالح توسعة مصانع تتبع المنطقة الصناعية (عالي زهاف).
ويشير منصور إلى أن المنطقة تقع ضمن سلفيت، وهي منطقة تاريخية ومطمع للاحتلال؛ كونها تطل على المستوطنات، موضحا أن سلطات الاحتلال شرعت منذ عام 1967 ببسط سيطرتها عليها، وطرد الأهالي منها.
ولفت إلى أن الاحتلال يهدم منازل المواطنين الفلسطينيين بالمنطقة، ويرفض إصدار تراخيص بناء جديدة لهم رغم حاجتهم الماسة والمتزايدة، منتهكا بذلك كل الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية.