خرج قبل يومين المعتقل السياسي مصطفى جرار بعد أن وقّع على كفالة اعتبرتها العائلة "لوي ذراع"، ووصل مقدارها عشرة آلاف دينار للمرة الأولى، حتى يطبق الأمن الوقائي قرار الإفراج عنه.
يعتبر مصطفى محظوظا، فهو معتقل لعدة مرات لدى الاحتلال وقد اعتقل آخر مرة بتهمة إيواء قريبه الشهيد أحمد جرار، ومعتقل منذ بداية العام لدى السلطة، ولكن الكثيرين غيره ممن صدر فيهم أمر الاعتقال لم يفرج عنهم حتى اللحظة رغم قرار المحكمة.
أحد هؤلاء المعتقلين السياسيين هو محمد علاوي وحسب مؤسسة "محامون من أجل العدالة" فإنه معتقل منذ الأول من أيلول 2022 لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حصل خلالها على أول أمر بالإفراج من محكمة صلح نابلس بتاريخ 12، أيلول 2022، وبالفعل تم الإفراج عنه، إلى أن ذهب لاستلام أماناته في اليوم التالي، فأعادت الأجهزة الأمنية اعتقاله.
وهكذا دون سند قانوني، وكأن قوات جهاز المخابرات والأمن الوقائي يمارسان التسلية، إذ حصل علاوي بعدها على قرارين بالإفراج من محكمة صلح نابلس، وواحد من محكمة صلح أريحا، لكن دون تنفيذ أي منها.
ويقبع علاوي الآن في مقر اللجنة الأمنية في أريحا، بعد أن تم توقيفه تعسفيا على ذمة محافظ نابلس، وفيه مخالفة جسيمة لقانون الإجراءات الجزائية حسب ما ذكرت مجموعة "محامون من أجل العدالة" في بيان لها.
وحسب إفادات ذويه، يمر علاوي بحالة نفسية سيئة جداً، بسبب استمرار اعتقاله لمدة تزيد عن أربعة أشهر، ووجوده في مقر اللجنة الأمنية.
ويشير البيان إلى أن اعتقاله في مقر اللجنة الأمنية، مخالف لأحكام نص المادة (182) من قانون الإجراءات الجزائية النافذ، التي تمنع نقل الاختصاص المكاني لأي محكمة إلا بضوابط معينة، وذلك عندما يكون نظرها في دائرة المحكمة المختصة من شأنه الإخلال بالأمن العام فقط .
وفي تاريخ 10، كانون الأول 2022 اجتمع ذوو علاوي، وكذلك ذوو باقي المعتقلين السياسيين المعتقلين، وخرجوا في مسيرة سلمية لكنها تعرضت لقمع الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ويوضح ظافر صعايدة، المحامي في مؤسسة "محامون من أجل العدالة"، أن ما يفوق العشرة معتقلين سياسيين صدر بحقهم قرار بالإفراج دون تنفيذ العام الماضي ما يمثل تلاعبا بأمر السلطة القضائية ترتكبه السلطة التنفيذية.
ويؤكد أنهم لا يستطيعون العودة للمحكمة في حال عدم تطبيق أحكامها، لأن ما يجري هو جريمة حجز حرية من دون سند قانوني، مبينا أن العائلة تستطيع تقديم شكوى للاستخبارات، لكن القضية ستتوه لأنها متعلقة بأمر سياسي.
وفي ذات الوقت تدين مجموعة "محامون من أجل العدالة" حملة الاعتقالات السياسية التي تستهدف المواطنين في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، على خلفية انتماءاتهم السياسية وعلى خلفية حرية الرأي والتعبير وممارسة النشاط النقابي.
وتعليقا على القضية قال رئيس لجنة الحريات في الضفة الغربية، خليل عساف، في مقابلة مع الرسالة: "عدم تطبيق المخابرات أو الأمن الوقائي قرار الإفراج قد تصل إلى جريمة حقيقية في القانون الأساسي ولا تسقط بالتقادم بل يجب معاقبة المسؤول الذي رفض تطبيق قرار المحكمة".
هذه الظاهرة استهزاء بكرامة الإنسان والقانون حسب تعبير عساف، مضيفا: "كأن من يقوم على تطبيق القانون يعتقد أن الوطن بالنسبة له شركة، وهناك خمس حالات هذا العام أخذ القضاء بحقها قرارا بالإفراج ولم يطبق".
وتابع: "يجب فضح القائمين على هذه المخالفة القانونية في كل المحافل، فإذا كان قرار قاضٍ لا ينفذ فلماذا يكون القضاء أصلا؟!
القضية الأخطر من وجهة نظر عساف أن السلطة تمارس الآن ما يمارسه الاحتلال، موضحا أنه عندما لا يتم إطلاق صراح المعتقل فهذا يسمى "اعتقالا إداريا" فماذا نقول للعالم ونحن نطالب بوقف الاعتقال الإداري الذي يمارسه الاحتلال بينما نحن نمارسه على أبناءنا؟
ويتساءل عساف: "أين هي فصائل منظمة التحرير؟ هي التي تعطي الشرعية السياسية، ماذا ينتظرون؟ يريدون فقط أن يأخذوا المال من المنظمة دون أن يتحملوا المسؤولية ويقفوا أمام الظلم والقانون الذي لم يطبق؟