غزة/ مها شهوان
أربعة فتيات يتسكعن في الطريق إلى الجامعة وقد تشابكت أيديهن ويتحدثن بصوت مرتفع مصحوب بضحكات عالية ملفتة للنظر، والأغرب أن جميعهن يرتدين حجاب "الموضة" والجينز الضيق والتشيرتات القصيرة ويضعن مساحيق التجميل وكأنهن ذاهبات إلى حفلة زفاف.
ذلك المشهد التقطته عين "الرسالة" مع العلم أنه ليس النموذج الوحيد من الفتيات اللواتي يعتبرن غطاء الرأس زينة ويتفنن في وضعه، ومن هنا كان لابد من طرح هذا الموضوع للتعرف على الأسباب التي تدفع تلك الفتيات إلى التلاعب بالحجاب، إلى جانب رأي الشريعة الإسلامية ومعرفة إذا كان للعولمة دور في ذلك.
الدين يسر
في محل لبيع الإكسسوارات وقفت الفتاة نيرمين عبد الله (19 عاما) تختار عقدا مناسبا لترتديه فوق قميصها الجديد فقد أدلت برأيها عن طريقة لبساها قائلة :" أحب أن أعيش حياتي كباقي الفتيات ولست الوحيدة التي ترتدي هذا فغيري الكثير، بالإضافة إلى أنني لازلت صغيرة وطالما لا يظهر شيء من جسدي فلا عيب بلباسي".
كيف يمكن أن تلام نيرمين على لباسها إذا كانت والدتها التي كانت ترافقها لم يكن حالها أفضل فقد كانت تضع مساحيق التجميل وترتدي الملابس الضيقة وتظهر قليلا من شعرها مبررة ذلك بأن "الدين يسر"، وإذا كان هذا حال الأم وابنتها فكيف ستكون حال البنات الأربع الباقيات؟
بينما فيفيان 24 عاما والتي زفت لعريسها قبل شهر استرجعت ذكرياتها وهي في بيت والدها حينما كانت تذهب لجامعتها دون أن تضع حجابها وكانت والدتها دائمة الإلحاح عليها لكنها كانت تصر على موقفها بتأييد من زميلاتها ،لكنها في النهاية وافقت على ارتداء الحجاب ولكن لتواكب الموضة دون التخلي عن الملابس الضيقة، التي "ترتاح فيها"، بحسب وصفها.
وفي مشهد آخر غير متوقع، نزلت فتاة من سيارة مرسيدس أجرة قادمة من منطقة سكناها خارج مدينة غزة وعند وصولها الجامعة دخلت إحدى الكافيتريات وخلعت عباءتها السوداء وارتدت ملابس ضيقة ومن ثم وضعت الماكياج على وجهها وارتدت نظارة شمسية ودخلت الجامعة.
أخذت تلك الفتاة تتمايل في مشيتها ما لفت نظر الشباب الذين مروا من جانبها فما كان من أحدهم إلا أن بصق عليها وعلى أهلها.
لم تكن تلك النماذج السابقة وحدها للفتيات اللواتي يتلاعبن في الحجاب ويفسرن الشريعة بعقول تخمرت بأفلام ومسلسلات أجنبية، وتقول الشابة حنان خليل 26 عاما وتعمل في مختبر للتحاليل الطبية:" أحب أن أكون أنيقة في لبسي لاسيما وأن عملي يتطلب ذلك، فأصر على متابعة كل ما هو جديد "، وعن موقف ذويها من لباسها تقول أن والدها حينما يراها في كامل أناقتها يقول "الله يحميكي ويحرسك يا بنتي"، رغم أن إخوانها كثيرا ما ينتقدون لباسها ويرغمونها على الاحتشام .
تقليد الآخرين
من جهته أكد الأخصائي الاجتماعي د. وليد شبير أنه مع تطور العولمة ترتدي بعض الفتيات البنطال والقميص ويضعن الحجاب بما يتنافى مع مجتمعنا المسلم ، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام والانترنت وتقليد الآخرين لعب دورا في مخالفة الفتيات للحجاب الشرعي.
وأشار إلى أن العولمة لها تأثير سلبي من خلال القنوات الفضائية لاسيما لدى الشباب حيث باتت الفتاة تقلد المذيعة أو إحدى الفنانات لاسيما وأنهم في مرحلة عمرية تدفعهم لتقليد الآخرين ، مؤكدا على أن الفتاة التي تربت على نهج الإسلام لا تقلد ما يتنافى مع مجتمعنا المحافظ وتبتعد عن التقليعات .
وعما يدفع الفتيات لإتباع الموضة في لابسهن والابتعاد عن الدين قال الأخصائي الاجتماعي:" الفتيات يفعلن ذلك من أجل التجديد ولفت النظر لإثبات الذات عن طريق تغيير واقعهم لذلك على الأهالي ومؤسسات المجتمع المختلفة توجيههن للطريق الصحيح".
الزي الشرعي
ومن الناحية الشرعية تحدث أستاذ الشريعة في الجامعة الإسلامية د.ماهر السوسي عن وجود ضوابط لحجاب المرأة بأن يكون ساترا لعورتها ويستر الجسد بأكمله ماعدا الوجه وكفة اليدين ،بالإضافة إلى أن يكون فضفاضا وغير شفاف وغير ملفت للنظر.
الكثير من أولياء الأمور يرفضون ارتداء بناتهن للزي الشرعي بحجة أنهن لازلن صغيرات ولابد من أن يستمتعن بشبابهن وردا على ذلك أجاب السوسي" الفتاة مجرد أن تبلغ الحيض تصبح مكلفة بالإحكام الشرعية ومنها لبس الحجاب لذلك عليها بالإسراع لتنفيذ أوامر الله".
ودعا الفتيات لارتداء ما يشأن داخل بيوتهن بدلا من الخروج لفتنة الآخرين ،بالإضافة إلى أن من ترضى على نفسها بكشف ما حرمه الله تحط من مكانتها ، متسائلا كيف يسمح ولي الأمر لابنته أن تظهر محاسنها أمام الناس.
ونصح السوسي الفتيات إلى ضرورة الاحتشام والالتزام بما أمره الله ،مؤكدا على أن المرأة ذات الشخصية القوية والتي تريد الفوز بالدنيا والآخرة ومستعصية على معصية الله هي من تستر عورتها .
وفي الختام همسة في أذن كل فتاة إن كنت تعتقدين أنك ستبدين جميلة ومفلتة للنظر بلباسك الخادش للحياء فتأكدي أن كل من يبتسم في وجهك يلعنك من خلفك؛ لذا عليك إتباع تعاليم الشريعة الإسلامية وتزيني بالحجاب الذي أوجبه عليك رب العالمين.