الرسالة نت-لميس الهمص
فضائح متتالية وصفعات متلاحقة تلقاها رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس وفريق سلطته في رام الله جرّاء انكشاف عورة العديد من مسئولي المقاطعة أمام الإعلام بأنهم رموز للفساد المالي والسياسي والمحسوبية والرشوة والتهريب والسرقات.
وقد ظهر ذلك جلياً في ضربات إعلامية قاضية تلقتها مؤسسة الرئاسة التابعة لحركة فتح في الفترة الأخيرة، ولم تقتصر هذه الفضائح على سرقة أموال الشعب الفلسطيني فحسب؛ بل تجاوزت ذلك لتصل إلى حد التنازل عن الثوابت الوطنية المتمثلة بالقدس وحق العودة لتكون حلقة في سلسة طويلة من الفضائح التي لازالت تصفع حركة فتح من وقت لآخر.
فقد كشفت الوثائق والمحاضر التي نشرتها الجزيرة حتي كتابة هذه السطور، استعداد رام الله للتنازل عن مناطق واسعة في القدس المحتلة مقابل لا شيء.
ويكليكس
وتعد الفضيحة الأخيرة ليست الأولى في تاريخ فتح، فقد كشف موقع ويكليكس مؤخراً بعض الوثائق السرية الدبلوماسية التي تتعلق بشأن الشرق الأوسط، فقال إن وزير الحرب الإسرائيلي أيهود باراك عرض على محمود عباس ومصر تسلم قطاع غزة بعد تدمير حماس خلال الحرب الأخيرة، إلا أن طلبه قوبل بالرفض من الجهتين.
وزعم باراك – وفقًا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية التي نشرت جزءًا من وثائق "ويكليكس" أن رفض القاهرة ورام الله هما السبب الرئيس وراء عدم قيام "إسرائيل" بإنهاء حركة حماس في ظل رفض الأطراف المعنية التعاون فيما بعد مرحلة حماس، حسب الوثائق المرسلة إلى واشنطن.
فتح غيت
أما في شهر فبراير من عام2010 م، فقد فجّر المسئول الفلسطيني السابق فهمي شبانه، بمساعدة قناة تلفزيونية إسرائيلية، سلسلة فضائح شديدة الوطأة، تطال قادة سلطة فتح.
ولم تتوقف الفضائح عند حدود مالية أو أخلاقية مشفوعة بالإثباتات؛ بل وصلت إلى إساءات بالغة من مقرّبي عباس، للرئيس الفلسطيني الراحل والزعيم التاريخي لحركة "فتح" ياسر عرفات، الذي نعته أحدهم بأنه "كبير الدجالين"، وأنه "لا يحب الشعب" الفلسطيني.
فقد بثّ برنامج "المصدر"، المختص بالتحقيقات، في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي ، حلقة خاصة حملت عنوان "فتح غيت"، حشدت الوثائق المكتوبة والمرئية للتدليل على أنّ الفساد ينخر في قيادة "فتح"، ومن ثم في جناح السلطة، وبالأخص في الدائرة المحيطة بعباس.
واستعرضت القناة الصهيونية، جرائم الرشاوى والجنس والفساد، والتي أشار شبانه إلى أنه بحكم عمله في وحدة مكافحة الفساد في جهاز المخابرات التابع لعباس، تمكّن من كشفها وتوثيقها ليعرضها على قيادة فتح لإقصاء المشتبه بتورّطهم في هذه الجرائم.
وكان من بين الوثائق التي قدّمها التميمي وعرضتها القناة، شريط فيديو، مصوّر بكاميرات خفيّة، تم تثبيتها في منزل سيدة فلسطينية كانت ترغب بالعمل في مكتب عباس.
ويظهر في الشريط رفيق الحسيني، محاولة ابتزازها جنسياً، من أجل أن تحظى بالوظيفة، فاستغاثت بالتميمي من أجل إنقاذها من ملاحقة رئيس ديوان رئاسة السلطة.
وتابع شبانه عملية كشف الوثائق، متطرقاً إلى عملية فساد أخرى "بطلها" عباس، صاحب شركة سكاي للإعلان، التي حصلت على أموال من الأمريكيين بغرض إعداد دعاية لحركة "فتح" قبيل انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني لعام 2006، وأن ابنه حصل على جانب من هذه الأموال بصفة شخصية.
فضيحة غولدستون
وفي سياق سلسة الفضائح الممتدة منذ تسلم السلطة مهامها، كانت الجريمة الأبشع والتي استهترت بدماء الشهداء والجرحى في الحرب الأخيرة على غزة، فقد طلب مندوب سلطة فتح في الأمم المتحدة بتأجيل بحث تقرير القاضي في مجلس حقوق الإنسان ريتشارد غولدستون.
واتهمت قيادات فتحاوية في حينها عباس بالمسؤولية المباشرة عن التأجيل، مما يبين أن رام الله مرتهنة للاحتلال والضغوط الأميركية.
كما كشف مصدر قيادي في فتح أن خمس قيادات في السلطة والتي وصفها بـ’المطبخ’ هي المسئولة عن تأجيل بحث غولدستون.
وأوضح المصدر في تصريحات نشرت له، بتاريخ 5/10/2009م، أن هذه الشخصيات هي "أبو مازن" وسلام فياض، وصائب عريقات، وياسر عبد ربه، وأكرم هنية مستشار عباس.
وكان من المقرر أن يصوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف على قرار يدين الاحتلال ويتهمه بالتقاعس عن التعاون مع الفريق الأممي للتحقيق في جرائم الحرب الذي رأسه "غولدستون" ، قبل أن تسحب السلطة اعتماد التقرير وتطلب تأجيله.
فتوح فون
"فتوح فون" في هذه القضية؛ أعلنت السلطات الصهيونية أنها ألقت القبض على روحي فتوح الذي يشغل منصب الممثل الشخصي لرئيس سلطة فتح، والذي كان قد شغل منصب رئيس السلطة بعد رحيل عرفات، وكذلك شغل منصب رئاسة التشريعي السابق، متلبساً بتهريب هواتف نقالة في سيارته من الأردن إلى الضفة المحتلة.
وقد مثّل ذلك صدمة للشارع الفلسطيني؛ فلم يكد يستفيق من فضيحة "دحلان غيت" حتى وجد نفسه أمام فضحية جديدة أصبح يطلق عليها "فتوح غيت"، وذلك بعد أن ضبطت سلطات الجمارك الصهيونية في سيارة فتوح 3400 جهاز هاتف نقال، من الأنواع الفاخرة، كان ينوي تهريبها من الأردن لدى عودته إلى الأراضي الفلسطينية بهدف بيعها.
وحينذاك قال مسؤول عسكري صهيوني: "إنه تم توقيف روحي الذي حاول أن يستغل بطاقة الـ " vip " ليقوم بعملية التهريب ، ولكن إدارة الجمارك استطاعت اكتشافه، وصادرت جميع أجهزة الهواتف النقالة، والتي قدرت بأكثر من 400000 دولار".
قريع بطلا للفضائح
وبعيد فضيحة فتوح؛ كشفت مصادر فلسطينية مطلعة النقاب عن وثيقة رسمية تثبت استلام أحمد قريع رئيس وفد رام الله المفاوض مع الاحتلال ثلاثة ملايين دولار أمريكي، حوّلت من حساب منظمة التحرير لحسابه الخاص مع اسمين غير معروفين بحسب ما جاءت به الوثيقة.
وأظهرت الوثيقة الصادرة عن سفارة فلسطين في رومانيا، التي نُشرت (23/3/2008)، أن السفير الفلسطيني في رومانيا عدلي صادق قام بإرسال رسالة خطية إلى دحلان بتاريخ (31/1/2006) من أجل التقصي عن كتاب حواله لحساب قريع، حيث كانت قيمة التحويل ثلاثة ملايين دولار، وقد أوضحت الوثيقة أن "أبو علاء" تلقى حواله مالية قدرها ثلاثة ملايين دولار من حساب مجهول بحسب ما وصفه المختصون الماليون في منظمة التحرير وهو رقم 713/111444 عمّان، حيث استفاد من الحوالة كلا من أحمد قريع ومعه شخصان غير معروفين.
وكانت مصادر فلسطينية موثوقة قد كشفت النقاب سابقاً عن أن قريع القيادي في حركة "فتح" هو المسئول المباشر والممول الأول للإسمنت الخرساني الذي يبنى به جدار الفصل العنصري الذي يقيمه الاحتلال ويقطع به أوصال الضفة المحتلة.
اختلاس أموال
وعقب فضيحتي فتوح وقريع؛ قالت مصادر إن النيابة العامة الفلسطينية تدرس اتخاذ إجراءات قانونية بحق خالد سلام "المستشار الاقتصادي للرئيس الراحل عرفات" على خلفية اختلاس أموال.
وقد نقلت المصادر عن النائب العام في حكومة فتح رام الله ، المستشار أحمد المغني إنه يدرس حالياً إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية بحق خالد سلام الملقب بمحمد رشيد بعد نشر أنباء تفيد أن الأخير سيقيم مشروعاً استثمارياً ضخماً بقيمة 600 مليون دولار على شاطئ البحر الجنوبي للعقبة.
وقال المغني إن الإجراءات القانونية التي يتم دارستها الآن تهدف إلى معرفة مصادر هذه الأموال وما إذا كانت من أموال السلطة أم من عدمها.