أكد باحثون ومحللون سياسيون أن فرص المواجهة مع الاحتلال (الإسرائيلي) خلال الفترة المقبلة قوية، لاسيما في ظل حكومة الاحتلال المتطرفة واستفزازاتها في مدينة القدس المحتلة، وعدوانها السافر في الضفة الغربية، وقمعها الأخير للأسرى في السجون، منوهين بذات الوقت لتصاعد وتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية "كماً ونوعاً واتساع نطاقها"، وأن تطورات الميدان عنصر حاسم في إمكانية دخول غزة على خط المواجهة.
وأوضحوا خلال ندوة بعنوان "الساحة الفلسطينية.. بوادر هدوء أم نذر مواجهة"، نظمها منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بالتعاون مع مركز اتجاهات للأبحاث والدراسات، اليوم الاثنين 20 فبراير 2023 بمقر المنتدى بغزة، أن الجهود الدولية والإقليمية ترمي لاحتواء المواجهة الشاملة ومنعها في الأراضي الفلسطينية لاعتبارات الأطراف الدولية ومصالحها وحساباتها.
حكومة متطرفة
وتناول الخبير في الشؤون (الإسرائيلية) سعيد بشارات، المشهد (الإسرائيلي) وتوجهات الاحتلال نحو الصراع مع الفلسطينيين، مبيناً أن حكومة الاحتلال الحالية تختلف عن الحكومات السابقة من حيث ظروف النشأة والتكوين وبرنامج العمل، وقال: "إن الحكومة (الإسرائيلية) الجديدة هي أكثر تطرّفًا، وقد تم اجتياح العيسوية بالقدس لإزالة علم الجبهة الشعبية، وهذا يعكس طريقة تفكير هذه الحكومة"، موضحًا أن نتنياهو يوافق على أفعال (بن غفير) التصعيدية في القدس والضفة المحتلة.
وأضاف أن حكومة الاحتلال هدفها تطبيق أكبر قدر ممكن من القرارات السابقة التي عجزت عن تطبيقها الحكومات السابقة، بحيث يصبح ابن المستوطنات بالضفة مثل ابن تل أبيب، لتؤكد هذه الخطوة أن الضم بات واقعًا في الضفة، مبيناً أن الخلاف بين نتنياهو وبن غفير على التوقيت ورغبته بتمرير المخططات دون استفزاز المجتمع الدولي، وختم بشارات بقوله: "حسب المعطيات والوقائع على الأرض، ذاهبون لمواجهة في الضفة والقدس، وقد تقود لمواجهة كبيرة مع الاحتلال (الإسرائيلي)".
سيناريوهات متوقعة
من جانبه، تطرق الباحث السياسي د. منصور أبو كريم لتداعيات أي مواجهة مقبلة على السلطة الفلسطينية والسيناريوهات المحتملة، مضيفاً أن السلطة ترى أن ما يجري في الضفة رد فعل طبيعي على انغلاق أفق التسوية، وعلى جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وتابع أن السلطة حاولت احتواء الحالة بالضفة لضبطها وعدم خروجها عن السيطرة بما يهدد حالة السلم الأهلي، حسب تعبيره.
واستعرض عدة سيناريوهات متوقعة للمرحلة المقبلة، أولها استمرار التصعيد الحذر، بحيث يواصل الاحتلال عمليات الاغتيال في مناطق الضفة والمواجهة بوتيرة الوضع الراهن، والسيناريو الثاني يتمثل بـ(المواجهة الشاملة)، قائلاً: "هذا السيناريو بعيد نوعًا ما؛ لوجود إدارة ديمقراطية بالبيت الأبيض تعمل على كبح جماح هذه الحكومة المتطرفة". والسيناريو الثالث بحسب أبو كريم هو الهدوء، وهو مرتبط بنتنياهو لضبط حلفائه بالحكومة، وهو أضعف السيناريوهات؛ لأن ممارسات الاحتلال في الضفة لن تصل إلى هذا السيناريو.
وأشار أبو كريم إلى وجود قلق دولي وإقليمي من اشتعال مواجهة جديدة في الساحة الفلسطينية، ومضى يقول: "المجتمع الدولي لا يريد اندلاع مواجهة شاملة في الساحة الفلسطينية، لاسيما في ظل الحرب الروسية الأوكرانية"، مبيناً أن تحركات الإدارة الأمريكية ترمي للحيلولة دون الوصول لحالة الصدام في الساحة الفلسطينية، وسعيها لتجنب انتكاس العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال (الإسرائيلي) كما حدث خلال عهد الرئيس الأمريكي ترامب، مستبعداً انهيار السلطة "كونها بمرت بظروف أسوأ خلال عملية السور الواقي، وكون وجودها حاجة أمنية ودولية، وكذلك سعي الاحتلال لتعزيز الانقسام الفلسطيني".
وتيرة متصاعدة
بدوره، استعرض الكاتب والمحلل السياسي د. إياد الشوربجي، المشهد الفلسطيني واحتمال اندلاع مواجهة مع الاحتلال (الإسرائيلي)، منوها إلى ارتفاع وتيرة المقاومة في الضفة واتساع نطاقها، وهو عامل مهم في تصاعد الميدان، حيث أشار إلى أن المقاومة نفذت خلال العام الماضي أكثر من 800 عملية مسلحة وغيرها، وهذا تصاعد كبير جدًا برز في نوعية العمليات أيضًا.
وأكد أن الميدان هو العامل الأبرز في حسم التوجه نحو خيار المواجهة الشاملة، موضحًا أن حالة الهدوء التي شاهدناها عبر سنوات في الضفة -وإن كانت متقطعة- لن تدوم طويلاً؛ لأن عوامل التفجير كبيرة ومتصاعدة، مبيناً أن اتحاد الجبهات هو هدف استراتيجي لمختلف الفصائل التي تتبنى المقاومة، مؤكدًا أن فرصة تصاعد المقاومة في الضفة حقيقية. وأضاف: "الميدان وظروفه هي الحكم، وممكن في أي وقت أن ينقلب إلى مواجهة شاملة؛ والمقاومة في غزة تنظر إلى حالة المقاومة بالضفة كمخزون استراتيجي وفرصة يجب تنميتها".
واستعراض د. الشوربجي عوامل كبح التوجه لخيار المواجهة الشاملة، وفي مقدمتها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يختلف عن أعضاء حكومته في الطريقة والتكتيك والتوقيت وليس بالأهداف، إضافة لعدم رغبة المجتمع الدولي باندلاع مواجهة شاملة في الساحة الفلسطينية، مستدركاً بالقول: "عوامل التفجير كبيرة، والحالة الراهنة هشة".
وتخلل الندوة نقاش ومداخلات من الحضور رجحت تصاعد المواجهة مع الاحتلال (الإسرائيلي) خلال الفترة المقبلة.