لن يختلف لقاء العقبة الأمني الذي عقد في الأردن برعاية أمريكية-(إسرائيلية) ودعم مصري أردني، عما سبقه من لقاءات في العقبة ذاتها عام 2003 وطابا وشرم الشيخ وغيرها، حيث كان الهدف واحدا في كل مرة، وهو وقف تنامي المقاومة ومنع اندلاع انتفاضة جديدة.
من يقرأ التاريخ يُدرك جيدا أن ثمة أطراف دولية وإقليمية لا يمكن أن تقبل بوجود سلاح مقاوم قوي في يد الفلسطينيين، على اعتبار أن ذلك يمكن أن يهدد الحليف المشترك في منطقة الشرق الأوسط (إسرائيل)، لذلك فإنها تسارع الخطى للسيطرة على الوضع ودعم سلطة أوسلو في مواجهة أي تحرك للمقاومة.
ومع انطلاق اللقاء، أخذ بعض قادة السلطة يبررون بأن المشاركة تأتي من باب الحرص على وقف المجازر التي يرتكبها الاحتلال، لكن الحقيقة التي كانت تظهر عقب كل اجتماع على مدار السنوات الماضية، أن الهدف هو تعزيز العمل للقضاء على أي خلايا مسلحة ناشئة في مناطق الضفة.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور تيسير محيسن، أن القاسم المشترك الذي يجمع عليه المشاركون في العقبة منذ 30 عاما، هو المشهد السياسي الفلسطيني في التعامل مع الصراع الفلسطيني-(الإسرائيلي)، الذي تمخض عنه منتج اتفاق أوسلو وأسس بناء سلطة ذات مهام وظيفية كاملة تحت توافق إقليمي دولي.
ويوضح محيسن في حديثه لـ (الرسالة نت)، أن أي مسار للخروج من دائرة الرؤيا الدولية في إدارة الصراع الفلسطيني-(الإسرائيلي) غير رؤية مضمون اتفاق أوسلو الذي تتبناه السلطة، سيكون حتما محل اعتراض ورفض من الأطراف جميعا.
ويبين أن انتفاضة الأقصى عام 2000 حاولت الخروج من سياق اتفاق أوسلو واتخذت طريق المقاومة المسلحة والتصدي للاحتلال، فيما اعتبر حينها خروجا عن فلسفة الرؤية الدولية في الصراع، مما دفع الأطراف لعقد اجتماع شرم الشيخ الأول 2003، الذي كان يستهدف وقف انتفاضة الأقصى، وتوج بقتل الرئيس ياسر عرفات الذي اتهم أنه عقبة في طريق السلام، واليوم يتكرر المشهد مرة أخرى في العقبة بحضور نفس الأطراف وعلى رأسهم قيادة السلطة.
ويضيف: "الهدف من اللقاء هو التشاور في كيفية توزيع الأدوار لوقف تنامي المقاومة والانهيار الأمني وإعادة الهدوء، أي القضاء على المقاومة وتفكيك بنيتها ومنع أي عمل مقاوم".
وأكد محيسن أن مخرجات اللقاء ستكون مرفوضة من الشعب الذي يرى في مواقف السلطة انتكاسة جديدة وتساوقا واضحا مع الاحتلال (الإسرائيلي).
ويشير إلى أن الاجتماع يأتي بعد أن وجدت دولة الاحتلال نفسها عاجزة عن تحقيق أهدافها، وهي بحاجة لمساعدة السلطة لها في تفكيك خلايا المقاومة في الضفة، وقادة السلطة تحدثوا بشكل واضح ودون أي خجل بأن المقاومين في جنين ونابلس يعبثون في الساحة.
من جانبه، يرى الكاتب والمختص في الشأن السياسي والأمني الدكتور محمود العجرمي، أن اللقاء امتداد لسياسة ومنهجية منظمة للسلطة التي مرجعتيها اتفاق أوسلو الذي هو في جوهره أمني، ومن المستغرب حين يتفاجأ البعض باستمرار هذه السياسة ويطالبون السلطة بالامتناع عن المشاركة.
ويقول العجرمي في حديثه لـ (الرسالة نت): "السلطة منذ أكثر من 3 عقود تؤدي دورا وظيفيا يخدم الاحتلال، وجوهر اللقاء في العقبة يتم التوافق عليه بين الولايات المتحدة والسلطة والاحتلال على إنهاء المقاومة، وممارسات السلطة تأتي في هذا الإطار".
ويؤكد أن لقاء العقبة محاولة يائسة لمحاصرة المقاومين في مناطق الضفة، وهم يخرجون الآن يحملون السلاح ويعبرون عن رفضهم تجاوز السلطة للخطوط الحمراء، ويعلنون أنهم سيقامون الاحتلال ونتائج العقبة.
ويشدد على أن ما يجري هو الحقيقة التي يجب ألا تفاجئ أحدا، لذلك مطلوب من فصائل المقاومة تحديد موقفها بشكل واضح من السلطة وسلوكها، في ظل الطعنات المتكررة التي تسددها لظهر شعبنا ومقاومته.
ويلفت إلى أن كل الدول التي تحررت كانت تقاتل العدو وعملاءه على حد سواء، لذلك يجب أن يكون موقف الجميع واضحا من أداء السلطة وقادتها وسلوكهم، في ظل استمرار المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين.