قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان إن رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو يجازف بنشوب حرب أهلية في (إسرائيل)، وتحويل حكمه إلى “دكتاتورية”؛ بسبب إصراره على تمرير قانون “إصلاح السلطة القضائية”.
وشنّ فريدمان هجومًا قويًّا على نتنياهو عبر صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية الشهيرة في مقال للرأي حمل عنوان “نتنياهو يقسم المجتمع (الإسرائيلي)”.
وقال فريدمان إن “(إسرائيل) اليوم مثل مرجل يغلي ويتراكم بداخله كثير من البخار وتوشك براغيه على التطاير في كل الاتجاهات”.
وذكر فريدمان أن “مقياس مدى خطورة الوضع هو أن العديد من رؤساء الموساد السابقين شجبوا انقلاب نتنياهو القضائي وآخرهم داني ياتوم”.
واقتبس فريدمان تصريحات ياتوم لصحيفة هآرتس التي قال فيها “إنه إذا استمر نتنياهو في خططه للقضاء بشكل فعال على استقلال المحكمة العليا في (إسرائيل)، فسيكون الطيارون المقاتلون ونشطاء القوات الخاصة قادرين على عصيان الأوامر التي تصدر عن الحكومة بشكل شرعي”.
وأضاف ياتوم، وفقًا لاقتباس فريدمان، “وقعوا اتفاقًا مع بلد ديمقراطي، لكن في حال تحوّل البلد إلى دكتاتورية فإنهم سيتلقون أمرًا من حكومة غير شرعية، وحينها أعتقد أنه سيكون مشروعًا أن يخالفوا ذلك الأمر”.
الخطر الجديد في عنف المستوطنين
ويرى فريدمان أن العنف بين المستوطنين والفلسطينيين ليس جديدًا إلا أن خطورته، هذه المرة، تكمن في أنه يتزامن مع أشدّ الحكومات القومية والدينية تطرّفًا في تاريخ (إسرائيل)، على حد وصفه.
وأضاف أن تلك الحكومة يقودها الآن متعصبون دينيون، هدفهم ضم الضفة الغربية بأكملها وهم يسيطرون على الحقائب الوزارية الرئيسية مثل الشرطة والمالية والجيش، التي كان يسيطر عليها عادة وزراء متزنون يرسمون خطًّا ضد مثل هذه الأعمال، وقد استُبدل بهم من يريدون محو كل الخطوط، على حد وصفه.
وقال فريدمان إن “العامل الجديد حاليًّا في (إسرائيل) الذي يمكن أن يمزق الديمقراطية هو خطة نتنياهو لإنهاء استقلال المحكمة العليا تحت ذريعة الإصلاح القضائي، متجاهلًا استطلاعًا أظهر أن أغلبية الرأي العام يعارض الاستيلاء على القضاء”.
وأضاف أنه “على الرغم من مناشدات الرئيسين (الإسرائيلي) والأمريكي لتأجيل التعديلات حتى يمكن إجراء حوار وطني حول هذا الموضوع، يتحرك نتنياهو وحلفاؤه المتطرفون لدفعه في الكنيست في الأسابيع القليلة المقبلة”.
ويرى الكاتب الأمريكي أن “السرعة الفائقة للمناورة تكشف في الواقع مدى الاحتيال التام الذي يمثله نتنياهو عندما يُصر بلطف للقادة والصحفيين الأجانب على أنه يريد ببساطة تمرير بعض الإصلاحات التقنية البريئة لجعل المحكمة العليا في (إسرائيل) أكثر انسجامًا مع نظيراتها في الولايات المتحدة أو كندا أو فرنسا”.
المخاطرة بنشوب حرب أهلية
وتساءل فريدمان قائلًا “أي زعيم (إسرائيلي) يمكن أن يخاطر بنشوب حرب أهلية في بلده، وحدوث خرق مع الديمقراطيين اليهود في أنحاء العالم، وانفصال مع أمريكا وضرر كبير للأعجوبة التقنية الفائقة (لإسرائيل)، وما يجري الحديث عنه علانية حاليًّا بين العسكريين (الإسرائيليين) الذين يقولون إنهم لن يموتوا من أجل حماية دكتاتورية. أي زعيم (إسرائيلي) سيخاطر بكل هذا من أجل إصلاحات قضائية تقنية بسيطة؟”.
وأجاب فريدمان عن سؤاله قائلًا إن نتنياهو سيخاطر بكل هذا فقط من أجل شيء كبير للغاية ومهمّ جدًّا وشخصي جدًّا، على حدّ قوله.
وقال فريدمان إن “هذا إصلاح قضائي يعلق الآمال عليه في إنهاء محاكمته بتهم انتهاك الثقة والرشوة والتزوير، التي يمكن أن تؤدي به إلى السجن”.
وأضاف أن “الإصلاح القضائي سيعطي لائتلافه اليميني السلطة المطلقة لبناء أي مستوطنات في أي مكان ومصادرة أي أراض فلسطينية وضخ ملايين الدولارات من أموال الضرائب في المدارس الدينية المتطرفة التي يدرس فيها الشباب التوراة فقط دون دراسة الرياضيات والعلوم والآداب، ناهيك عن الخدمة في الجيش”.
وتابع الكاتب الأمريكي “بعبارات أخرى، لا شيء صادق فيما يسمى إصلاحا قضائيا. بل هي لعبة قوة يريدها نتنياهو ليتمكن بإشارة من يديه وبأغلبية صوت واحد فقط في الكنيست من إلغاء أي شيء تصدره المحكمة العليا من قرارات”.
المصدر : الجزيرة مباشر + نيويورك تايمز