السؤال: قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: "البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافيته ولا تأكلوا من وسطه" فإذا كانت البركة تنزل وسط الطعام.. فلماذا لا نأكل من وسطه؟.
روى أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا )
ولفظ ابن ماجة : ( إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ فَخُذُوا مِنْ حَافَتِهِ وَذَرُوا وَسَطَهُ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهِ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .
فتبين بهذه الروايات أن البركة التي هي من عند الله ، تنزل على رأس الطعام وأعاليه ، ثم تنحدر إلى جوانبه ، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى المحافظة عليها بأن يأكلوا من جوانب القصعة ، حيث تنزل البركة إلى تلك الجوانب ، فيأخذ كل واحد نصيبه منها .
ونهى صلى الله عليه وسلم أن يأكلوا من رأسها وأعلاها ؛ لأنهم متى فعلوا ذلك ذهبت البركة من الطعام ، وربما لم يصب أحدهم منها شيئا ؛ لأن أعلاها فيه البركة ، ومتى ذهب بعضهم بأعلاها ذهبت البركة ، ولم يبق شيء ينحدر منها من أعلاها إلى جوانبها ، وفي هذا من سوء الأدب وسوء العشرة والشره والحرص وعدم القناعة ما يجعل الناس يشمئزون وينفرون من الطعام ومن مجلسه ، وبذلك تذهب البركة أو تقل .
قال الصنعاني رحمه الله :
" دل على النهي عن الأكل من وسط القصعة ، وعلله بأنه تنزل البركة في وسطها ، وكأنه إذا أكل منه لم تنزل البركة على الطعام ".
وقال الحافظ العراقي رحمه الله : " وجه النهي عن الأكل من الوسط أن وجه الطعام أفضله وأطيبه ، فإذا قصده بالأكل استأثر به على رفقته ، وهو ترك أدب وسوء عشرة .
والمراد بالبركة هنا الإمداد من الله " .