مما لا شك فيه، أن المستوطنين العابرين أو القاطنين في شارع "ديزنغوف" وسط "تل أبيب" بمركز فلسطين المحتلة، سيبقون لفترة طويلة يعانون من كوابيس مرعبة، منذ تنفيذ العملية البطولية الأخيرة على يد القسامي الشاب المعتز بالله الخواجا، بواسطة مسدس، ما أسفر عن إصابة عدد من المستوطنين بجروح حرجة.
العملية جاءت على عجل، ردا على مجزرتَي جنين وجبع، اللتَين ارتقى فيهما 10 شهداء في أقلّ من 48 ساعة، فكانت بمثابة شفاء لصدور ذوي الشهداء ولأبناء شعبنا عامة، الذين خرجوا للاحتفال وتوزيع الحلوى.
ويمثل شارع "ديزنغوف" كابوسا للاحتلال وأجهزته الأمنية، نظرا لتنفيذ عدد من المقاومين عمليات نوعية فيه، وكان لها صدى واسعا، وما زالت محفورة في ذاكرة شعبنا.
تنتشر على جنبات شارع "ديزنغوف" عشرات المطاعم والحانات والمحلات التجارية، وسماه الاحتلال بهذا الاسم نسبة لـ"مائير ديزنغوف" أول رئيس لـ"بلدية تل أبيب"، ويوصف أحيانًا بأنه "شانزليزيه تل أبيب"، نسبة لأرقى وأفخم شوارع باريس في فرنسا.
قبل عام، وتحديدا بتاريخ 7 أبريل 2022، نفذ الشهيد البطل رعد فتحي خازم (29 عاما) من مخيم جنين هجوما جريئا بسلاح رشاش، قُتل خلاله 3 (إسرائيليين) وأصيب أكثر من 10 آخرون، وقد ارتقى رعد بعد 9 ساعات من الهجوم في مسجد في يافا بعد اشتباك مع مجموعة من جنود الشاباك وشُرطة العدو.
العملية البطولية وقعت بعد أيام على جريمة الاحتلال باغتيال 3 مقاومين فلسطينيين قرب بلدة عرابة جنوب مدينة جنين، فجاء الرد ومن نفس المدينة والمخيم ليثبت فشل الاحتلال بمحاولاته لوأد المقاومة المتصاعدة في الضفة.
وفي نفس الزقاق الذي نفذ فيه الشهيد رعد عمليته، سبقه في الأول من يناير عام 2016 الاستشهادي نشأت ملحم، وهو من سكان بلدة وادي عارة في الداخل الفلسطيني، والذي ترك توقيعه بالدم، على بلاط شارع "ديزنغوف"، حين نفذ عملية إطلاق النار البطولية، في أحد المقاهي (الإسرائيلية)، وأسفرت عن مقتل اثنين من الصهاينة وإصابة 10 آخرين.
عملية ملحم شكّلت حينها ضربة كبيرة في خاصرة (إسرائيل)، التي بقيت في حالة صدمة وخوف، حتى بعد استشهاده واحتجاز جثمانه، وكان قد نفذ عمليته ردا على جرائم وانتهاكات الاحتلال المتواصلة بحق القدس والمسجد الأقصى.
ومن الذكريات المشرفة فلسطينيا والمؤلمة (إسرائيليا)، التي يشهد عليها شارع "دينزغوف"، كانت بحلول الساعة الثامنة وخمس وخمسين دقيقة من صباح يوم الأربعاء الموافق 19 تشرين أول (أكتوبر) 1994، حين فجَّر الاستشهادي القسامي صالح عبد الرحيم حسن صوّي (نزال) 26 عاما من قلقيلية نفسه داخل حافلة صهيونية، وأسفر الهجوم عن مقتل (23) صهيونياً وإصابة ما يزيد عن (47) آخرين.
وتعدّ هذه العملية الاستشهادية الثالثة في سلسلة عمليات ثأر بطولية جاءت رداً على مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل والتي وقعت بتاريخ 25/2/1994م، وهي من أكثر العمليات الاستشهادية قوة وتأثيرًا ونجاحًا.
بعد أقل من عامين على عملية نزال، كان شارع "ديزنغوف" على موعد مع عملية استشهادية ثانية نفذها الاستشهادي رامز عبيد من مدينة خانيونس، وقد وصل الشارع بتاريخ 4 آذار/مارس 1996 حاملاً حزامًا ناسفًا يزن 15 كغم ليفجر نفسه ويقتل 13 (إسرائيليا) ويصيب 100 آخرين، وقد جاءت عمليته ردًا على جريمة اغتيال "الموساد" للأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي في مالطا بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين أول عام 1995.
وسيبقى الشارع موطنا للرعب بالنسبة لـ(الإسرائيليين)، ومعلما للعز والفخر للفلسطينيين، الذين عاهدوا الله ألا يهنأ المحتل على أرضنا، وصولا إلى دحره بلا رجعة.