المعتز الخواجا.. رصاصة الثأر في ديزينغوف

الرسالة نت- رشا فرحات

هنا على طاولة في أحد المقاهي جلس الشاب المعتز الخواجا يشرب فنجان قهوته الأخير، وكأنه سيذهب بعد ساعتين إلى عرس أو سهرة مع الأصدقاء، وليس إلى عملية إطلاق نار، نشر هذا الفيديو عبر صفحته وانطلق إلى (تل أبيب).

الهدوء على ملامحه، والمشهد التقطه وهو يدرس المعادلة جيدا، في عقله تدور مئات الأسئلة، هذه هي الحرب، بالأمس ثلاثة شباب في جنين قتلهم الاحتلال غدرا، واليوم يجب أن يولد من رحم المجزرة ثائر يعيد للكون اتزانه.

قال عنه والده صلاح الخواجا في مقابلة أجرتها معه وسائل إعلامية قبل أن تعتقله قوات الاحتلال بالأمس ليلا: "حبيب الجميع"، هكذا كان الأب يعبر عن مفاجأته وهو يسمع اسم ابنه عبر شاشات التلفاز ويقرؤه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومن الإعلام العبري الذي يقول إنه هو من نفذ عملية ديزنغوف.

تمكن المعتز بالله من الدخول إلى تل أبيب متسللا من فتحات في جدار الفصل العنصري من قرية نعلين قضاء رام الله، وتسهلت له كل الطرقات حتى وصل إلى تل أبيب رغم الحواجز والجنود المنتشرين بسبب توتر الأوضاع في الضفة الغربية.

أطلق الخواجا النار في شارع ديزنغوف أكثر شوارع تل أبيب ازدحاما، ليعلن عن عمليته التي وصفها نتنياهو بالصعبة بعد أن أصيب فيها 4 (إسرائيليين)، قبل أن تقوم شرطة الاحتلال باغتيال المنفذ.

ينتمي الشاب المولود في عام 2000 إلى عائلة معروفة في منطقة رام الله، فوالده الشيخ صلاح خواجا، من قرية نعلين والمبعد إلى مرج الزهور، وقد اعتقل بالأمس عقب اقتحام الجنود للقرية والتحقيق مع أصحابها لست ساعات متواصلة، عزلوا النساء عن الرجال، وعاثوا في بيت العائلة خرابا، وهو بناية مكونة من عدة شقق.

كانوا يسألون عن الشاب الذي لم يكمل الثالثة والعشرين، "كيف له أن يصل إلى قرار صعب كهذا؟" ليتسلل في النهاية إلى وكر عدوه ويبدأ بإطلاق النار، كانت العائلة لا تزال تحت تأثير الصدمة، لم تسمع خبرا من جهة موثوقة وهي ترى صور ابنها على شبكات التواصل.

عاش المعتز حياة مليئة بالأسى، تدربت عيناه على الانتقام قبل أن يقبل عليه، ولد في عائلة مناضلة، بل إن هذا الصغير الطالب في مدارس القرية لم يستطع إكمال دراسته؛ بسبب اعتقاله في سجون الاحتلال قبل أن يكمل الـ 17 من عمره، ثم تعرض للاعتقال 3 مرات لاحقا، آخرها لمدة 22 شهرا، وأفرج عنه عام 2020.

هذا يعني أن مستقبله قُيد باعتقالات عديدة أضاعت ما لذ من هذا العمر وأضاعت معها الأحلام الكبيرة، فاكتفى بأن يعمل في محل للأدوات المنزلية، كان يحلم بأن يبني منزلا ويتزوج، هكذا قال أقرانه بالأمس.

أما الأب فقد كانت الصدمة بادية على ملامحه وهو يتحدث: "معتز ليس ابني، هذا صديقي المؤدب الخلوق الملتزم في صلاته الله يرضى عليه، اللي بعرفه بعرف مين معتز".

أخذت قوات الاحتلال قياسات منزل العائلة في قرية نعلين وخرجت بعد أن بثت الرعب في القلوب التي لم تتأكد من الخبر المنشور بعد، ولم تتجرع صدمة استشهاد ابنها، واعتقلت والده وشقيقه الأكبر، ولا يزالان قيد الاعتقال حتى هذه اللحظة.

ووفقا لتقرير مرصد (مُعطى) الحقوقي، فقد اشتعلت أرض الضفة الغربية والقدس بالعمليات المؤثرة خلال شهر فبراير المنصرم، مخلفة (8) قتلى (إسرائيليين)، ليرتفع عدد قتلى جنود الاحتلال والمستوطنين منذ بداية عام 2023 إلى (15) قتيلاً خلال شهرين فقط.

البث المباشر