الرسالة نت - كمال عليان
وسط موجة من الأخبار والأنباء المتناقلة عما يدور في أحياء وشوارع مصر هذه الأيام، كان الأستاذ زكي الشريف (40 عاما) يتمترس أمام شاشة التلفاز, متابعا محاولات الشعب المصري اسقاط النظام الحاكم الذي كان سببا في إبعاده قصرا من العريش إلى غزة بعد أن عاش طول حياته هناك.
ويعتبر الشريف واحدا من عشرات الحالات المماثلة الذين تم ابعادهم من مصر إلى قطاع غزة عام 2007 بعد اتهامهم بالانتماء لجماعة الاخوان المسلمين ودعم حركة حماس.
وتشهد جمهورية مصر في الفترة الأخيرة حالة من الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة برحيل حسني مبارك واسقاط حكومته.
ويعود الأربعيني الشريف بذاكرته إلى ذلك اليوم الذي قررت الحكومة المصرية ترحيله إلى غزة بقوله :" بعد فوز الاخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب عام 2005 بدأت السلطات المصرية باعتقال الآلاف من أنصار الجماعة, وبما أنني من أصل فلسطيني فكانت تهمتي مضاعفة حتى تم ابعادي لغزة عام 2007".
ويشير الشريف في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن أهله جميعا وأقاربه ما زالوا يعيشون في جمهورية مصر منذ عام 1948م، الأمر الذي زاد من معاناته ومعاناة أبنائه طول سنوات ابعاده عنهم.
ولم يكن يتصور أن يجتمع مع زوجته وأبنائه بعد ترحيله لغزة إلى أن شاءت الأقدار أن يكسر الجدار الفاصل على الحدود المصرية في غزة عام 2008، مما سمح لهم بلم الشمل في غزة.
ولفت الشريف الى أن امتداد جماعة الاخوان المسلمين في كل أسقاع الارض هون كثيرا من معاناة ابعاد أبناء الجماعة, حيث أن حركة حماس الاخوانية استقبلته ابان ترحيله الى غزة واعتنت به هو وكافة اخوانه, مشيرا الى ان الاخوان المبعدين الى السودان استقبلتهم الجماعة هناك واهتمت بهم, وكذلك المبعدين الى موريتانيا وكل الدول العربية, مؤكدا ان جماعة الاخوان حركة متجددة وولودة ولها بصماتها في جميع انحاء العالم.
وحول تواصلهم مع الأهل والأقارب خصوصا وأن زوجته مصرية الجنسية أوضح أنهم يتواصلون يوميا معهم عن طريق التلفون ومتابعة الأخبار عبر وسائل الاعلام المختلفة.
ولم يستطع الشريف أن يخفي فرحته بهذه الثورة في الشارع المصري التي قد تطيح بالنظام "الظالم" الذي طالما ظلمهم واعتقلهم وعذبهم.
ويضيف:" نحن مستبشرون بأن دماء الشيخ حسن البنا وسيد قطب لم تذهب هدرا وإن الصبر على الاعتقالات والظلم بات يؤتي ثماره هذه الأيام".
وتسود حالة من الترقب الحذر أوساط الفلسطينيين في قطاع غزة مع تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية في مصر المطالبة بسقوط الرئيس المصري حسني مبارك الذي يرأس مصر منذ ثلاثة عقود.
وتراجعت حركة الفلسطينيين في شوارع القطاع خلال اليومين الماضيين في ظل انشغالهم بمتابعة ما يجري في مصر عبر محطات التلفزيون والإذاعات.
ومن جهة أخرى تعيش النساء المصريات المتزوجات من فلسطينيين، حالة من الخوف والترقب على مصير أهاليهم في مصر، وخصوصا أن اخبار أهلهم انقطعت منذ بدء التظاهرات بسبب انقطاع خطوط الاتصال شبكات الانترنت ما جعل القلق يتضاعف.
وفي حديث ابدت العديد من المصريات الآتي يقطن في غزة، ومتزوجات من فلسطينيين قلقهن وخوفهم الشديد لما يحصل في مصر.
الحاجة أم محمد عبد القادر التي تبلغ من العمر خمسة وأربعون عاما والمتزوجة من فلسطيني منذ أكثر من خمسة وعشرون عاما، فلم تستطع اخفاء قلقها من تغير الوضع في مصر للأسوأ.
وقالت : " أدعو الله أن ينصر شعبي المصري ويكون معهم لأنهم شعب يناضل من اجل أن يعيش بكرامة وحرية وحياة كريمة".
وأضافت "أهلي يسكنون في بيت صغير مكون من غرفتين ومطبخ وحمام، يعيش فيها أبي وأخي المتزوج منذ أربع سنوات، والذي ينتظر شقته في الإسكان منذ أكثر من سبع سنوات، هكذا حال معظم المصرين.
وصمتت برهة وقد بدا على وجهها الخوف ثم تابعت: "لقد انقطعت الاتصال بهم وحاولت أن أتواصل معهم، بعد أن سمعت عدد القتلى الكبير الذي جعلني الخوف والقلق التمكن مني وأتمنى أن يحميهم الله من أي مكروه".
كما أبدت عائلات الطلبة الذين يدرسون في مصر والفتيات المتزوجات هناك تخوفا شديدا على مصير أبنائهم.
فقال رياض عبد الهادي: إن الاتصالات انقطعت مع ابنه الذي يدرس في إحدى الجامعات هناك، وتابع اشعر بالخوف والقلق على مصير ابني الذي لم اعرف أخباره منذ الأحداث قبل ثلاثة أيام، يسبب ضعف الاتصال والضغط على الشبكات وانقطاع شبكات الانترنت.
وأضاف عبد الهادي لم نتوقع أن تحدث كل هذه الأحداث، فالأوضاع تدعو للقلق الشديد، فالشعوب قامت من غفلتها وانتفضت ضد حكامها على الرغم من أني متفاجىء لما حدث، لكني اشعر بالفرحة لان الشعوب أصبحت تصنع القرار.