من الواضح أن ما تخشاه دولة الاحتلال منذ سنوات طويلة بات اليوم واقعا، بعد انضمام جبهة سوريا إلى الجبهات التي تهدد استقرار وأمن الاحتلال وانطلاق عدد من الصواريخ من حدودها وسقوطها في الجولان المحتل.
وأعلن جيش الاحتلال، فجر اليوم الأحد، أنه تم رصد عمليات إطلاق صواريخ من سوريا باتجاه الأراضي المحتلة، فيما ذكرت وسائل إعلام عبرية، عن رصدها عملية إطلاق 4 صواريخ باتجاه مستوطنات في الجولان المحتل للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة.
وفي وقت سابق من مساء السبت، أعلن جيش الاحتلال أنه رصد ثلاث عمليات إطلاق صواريخ من سوريا باتجاه الأراضي المحتلة، سقط أحدها في منطقة مفتوحة في جنوب هضبة الجولان المحتل.
الأهم أن ما سبق يأتي بعد حالة التسخين والتصعيد الذي شهده اليومان الماضيان على جبهة لبنان وقطاع غزة بعد سقوط عشرات الصواريخ على المستوطنات جنوب وشمال فلسطين، في إطار الرد على جرائم الاحتلال بحق المعتكفين والمرابطين في المسجد الأقصى.
ولعل اشتعال الجبهات المتعددة هو السيناريو الأسوأ الذي تخشاه وحذرت منه مؤسسة الاحتلال الأمنية منذ سنوات، وبات تحققه اليوم قريبا جدا في ظل الاستفزاز الواضح من شرطة الاحتلال لمشاعر المسلمين والمشاهد المؤلمة التي خرجت من باحات القدس من قمع وتنكيل بالمعتكفين.
ويصف مدير "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، أودي ديكل، سيناريو نشوب حرب بين (إسرائيل) و إيران، يشارك فيها حزب الله وسورية وفصائل مقاومة ومجموعات موالية لإيران في سورية وغرب العراق، بأنه سيناريو "واقعي بالتأكيد"، وتتخلله هجمات صاروخية شديدة ومكثفة على الجبهة الداخلية (الإسرائيلية)، وأن حربا كهذه قد تنشب في جبهة (إسرائيل) الشمالية.
ويأتي هذا السيناريو في الوقت الذي شنّت فيه (إسرائيل) في السنوات الأخيرة مئات الغارات الجوية في سورية، ضد أهداف إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله وجيش النظام السوري. وتواصل (إسرائيل) هذه الغارات، رغم تصاعد مخاوف الاحتلال من أن إيران وأذرعها لن تستمر في غض الطرف وعدم الرد على هذه الغارات.
وجاء السيناريو الذي يرسمه ديكل في تقرير بعنوان "لا حصانة إلى الأبد"، ونشرت مقاطع منه صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، يوم الجمعة الماضي، وبموجبه ستتعرض (إسرائيل) إلى "هجمات بصواريخ وطائرات بدون طيار من سورية وحزب الله في لبنان، وكذلك "صواريخ باليستية وصواريخ موجهة عن بعد من إيران والعراق"، وسيناريو ثانوي يتحدث عن "مقذوفات وطائرات مسيرة (درونات) وقذائف هاون من قطاع غزة".
ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن السياسي و(الإسرائيلي) د. عدنان أبو عامر أن قوى المقاومة على مختلف الجبهات لا تخفي رغبتها في إشعال الأوضاع انطلاقًا من شعار "الأقصى في خطر".
ويوضح أبو عامر في حديثه لـ (الرسالة) أن ما يجري يأتي في إطار تعدد الجبهات وتوحيد الساحات، في حين يستعد الاحتلال لاستقبال العديد من المناسبات الوطنية الفلسطينية الأكثر حساسية، وغيرها من الأحداث القابلة للانفجار في كل لحظة، وكل واحدة منها أرض خصبة للتحريض والتعبئة من أجل تأجيج مشاعر الفلسطينيين، ولا سيما في المسجد الأقصى.
ويبين أن إطلاق صواريخ من سوريا جاء بعد وقت قصير مما حدث جنوب لبنان ما يعني أن شهر رمضان وأحداثه كفترة حساسة ما زالت ترافق الاحتلال، وبالتالي فإن الرسائل التي سينقلها في الأيام المقبلة تكاد تكون بنفس أهمية الصواريخ التي انطلقت من جنوب لبنان.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ستة أن هناك تغيرا فيما يجري في الإقليم وستتضح معالمه خلال الأيام والأسابيع المقبلة، في ظل الهجمات المتعددة من جبهات مختلفة ضد الاحتلال.
ويضيف أبو ستة في حديثه لـ"الرسالة" أن ما يجري يؤكد إدراك الدول المحيطة بالكيان الصهيوني بأن استخدام القوة هو الأداة الوحيدة التي يفهمها الاحتلال بعد تغوله في كل مكان واستهدافاته في مختلف الدول.
ويوضح أن إطلاق الصواريخ من جبهة سوريا يأتي كرد فعل على استهداف أراضيها من الاحتلال، لكن هذا الرد بتنسيق وتزامن مع باقي فصائل وقوى المقاومة.
ويشير أبو ستة إلى أن استمرار الضغط على الاحتلال من خلال الجبهات المتعددة سيدفعه مضطرا إلى التراجع عن جرائمه التي يرتكبها، بعد أن بات اليوم أمام معادلة جديدة ويتلقى الضربات من أماكن متعددة وبشكل موحد.