مجددا عادت بيتا إلى الواجهة، فقد شارك اليوم نحو 17 ألف مستوطن في اقتحام البلدة بدءا من مفترق "حاجز زعترة" جنوب نابلس وعبر شارع الأغوار وصولاً إلى جبل صبيح في بيتا؛ للاحتفال في بؤرة "أفيتار" الاستيطانية غير الشرعية، لتندلع مواجهات بين أهالي بلدة بيتا ومئات الجنود الذين كانوا يحمون المستوطنين، ما أدى لإصابة 191 فلسطينياً بجراح مختلفة.
وشارك في هذه المسيرة سبعة وزراء صهاينة على الأقل، وأكثر من 20 عضو "كنيست"، بينهم وزير المالية "بتسلئيل سموتريتش"، وما يسمى بوزير الأمن القومي الصهيوني "إيتمار بن غفير"، للمطالبة بشرعنة هذه البؤرة الاستيطانية "أفيتار".
وتهدف الاقتحامات الأخرى في باقي المدن الفلسطينية لإظهار قوة المستوطنين على الأرض وتعزيز الاستيطان والاحتفال بإلغاء قانون الانسحاب من المستوطنات الأربعة في شمال الضفة الغربية.
مواجهة أهالي بيتا
يقول مراد اشتيوي المختص في شأن الاستيطان: إن سبب عودة المستوطنين إلى بيتا بعدما توقفوا عن محاولات إقامة بؤر استيطانية على جبل صبيح، هو الأطماع الاستيطانية التي لم تتوقف، وتأتي ضمن الخطة الانتخابية التي وضعها بنيامين نتنياهو.
ويرى اشتيوي أن ما فعله آلاف المستوطنين حين حاولوا الوصول إلى جبل صبيح هو رسالة بأن كل البؤر الاستيطانية العشوائية التي تتكاثر سيتم شرعنتها؛ لكن ما جرى على أرض الواقع عكس مخططاتهم.
وذكر (للرسالة نت)، أن ما فعلته حكومة نتنياهو بقيادة نوابها المتطرفين خلال مشاركتهم في المسيرة يأتي في سياق محاولة السيطرة على الأرض الفلسطينية وتهويدها، مشيرا إلى أن ما يجري من عمليات استنفار متواصلة في بيتا بالتزامن مع اقتحام المدن وما يجري في القدس من مضايقات لوصول المصلين للأقصى هو أمر مدروس ومغطى أمنيا وسياسيا.
وعن صمود أهالي بيتا، أكّد اشتيوي أن حماسهم للدفاع عن جبل صبيح هو ذاته منذ 2017، فما يشاهد هو نفس ما جرى في البدايات، بالإضافة إلى أنهم قدموا الشهداء والأسرى دفاعا عن حقهم في الأرض.
وفي ذات السياق ذكر مجدي حمايل المحلل السياسي، أن المستوطنين ظنوا أنهم باقتحام جبل صبيح سيحظون بشرعنة وجودهم فيها بعدما انسحبوا قبل عام تحت ضغط القوة والإرباك الليلي وصمود أهالي بيتا.
وأكّد حمايل (للرسالة نت)، أن عودة المستوطنين قبل أيام كانت رسالة لأهالي بيتا في محاولة لشرعنة البؤر الاستيطانية والعودة إليها؛ لكنهم فشلوا بذلك كما حدث في أربع مرات سابقة على جبل صبيح وكان النصر فيها لأهالي بيتا.
وعن مدى اختلاف المرة الأخيرة من اقتحام بيتا عن سابقتها، لفت المحلل السياسي إلى أن الحكومة اليمينية المتطرفة وعدت المستوطنين هذه المرة بإعادة بناء "أفيتار" على جبل صبيح؛ لكن رد الأهالي كان تفعيل وحدة الكوشوك والليزر والحجارة والإرباك وجميعهم عملوا بنفس الوتيرة السابقة وبذات الهمة لإرسال رسالة للاحتلال مفادها: " لن تقبل بيتا بالبؤر الاستيطانية مهما كان الثمن".
ويرى حمايل أن ما جرى مؤخرا في بيتا نتيجة ضعف نتنياهو أمام الجمهور (الإسرائيلي) وعدم مقدرته على استعطافهم واسترضائهم لفشله في الرد على ما جرى في لبنان وسوريا وغزة، حتى أنه أعلن فشله في توفير الأمن لمستوطني الضفة، مشيرا إلى أن ما تفعله حكومة نتنياهو مجرد فقاعة إعلامية لاسترضاء سموتريتش وبن غفير.
وختم بقوله: "حكومة نتنياهو تدرك أنه في حال أُعيدت البؤرة الاستيطانية، سيتعمم نموذج بيتا في الرد على مستوى الضفة المحتلة مما سيشكل خطرا حقيقيا على المستوطنين".