يوما بعد الآخر، تشهد محافظات الضفة المحتلة تناميا كبيرا في العمل المقاوم، في وقت بدأت الأوساط السياسية والعسكرية دق ناقوس الخطر عمّا هو قادم.
وباتت حالة المقاومة المتصاعدة في مدن ومحافظات الضفة تشكّل صداعا في رأس جيش الاحتلال وقياداته، التي تبحث في آليات لخفض وتيرة العمليات التي تستهدفهم.
ووفق الإعلام العبري، فإن محافظات الضفة المحتلة تشهد تغييرا جوهريا غير مسبوق منذ بداية الانتفاضة الثانية، "وهو ما يزيد القلق في الأوساط (الإسرائيلية)".
فراغ سياسي
الأكاديمي والمختص في الشأن السياسي، نشأت الأقطش، أكد أن حالة الضغط التي ولّدها الاحتلال (الإسرائيلي) لدى الشعب الفلسطيني أدت إلى الانفجار.
وقال الأقطش في حديث لـ "الرسالة نت" إن العمل المقاوم في الضفة غير منظم وهو نتاج طبيعي للفراغ السياسي ومحاولات الاحتلال المستمرة لتهويد القدس وقتل وتهجير الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الفترة الحالية في الضفة مشابهة تماما لفترة بداية ومنتصف التسعينيات من القرن الماضي في قطاع غزة، والتي كان العمل الفردي فيها هو الغالب مع وجود الكثير من أعمال أخرى منظمة.
وبيّن الأقطش أن الاحتلال يعمل حاليا وفق أجندة معينة لإعادة الهدوء وضبط الأمور، "ولكن لن يستطيع ذلك طالما لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه".
وختم حديثه: "الاحتلال يعمل بالكثير من الطرق لوأد المقامة، ولكن ما هو مؤكد أن ثورة الفلسطينيين مستمرة بأشكال مختلفة حتى دحر الاحتلال".
وقال محلل عسكري (إسرائيلي) إن مناطق الضفة الغربية، تشهد مؤخرا تغييرا جوهريا لم تعهده (إسرائيل) منذ الانتفاضة الثانية عام 2000.
وذكر محلل الشؤون العسكرية في القناة "13" ألون بن دافيد، أن جيش الاحتلال يصطدم بمئات الفلسطينيين من الضفة الغربية في كل عملية اقتحام، مع "استعداد غير مألوف للموت".
وأضاف: "الحدث الأهم الذي تواجهه (إسرائيل) مؤخرًا يأتي عبر الساحة الفلسطينية، وهو حدث لم نعهده منذ 15 عامًا، ويتسم باستعداد العشرات أو المئات من الشبان للخروج من منازلهم لمواجهة قوات الجيش والموت".
وتابع "نتحدث عن أعداد كبيرة جدًا لأشخاص مستعدين لمواجهتنا والموت في سبيل ذلك".
وتطرق "بن دافيد" إلى التغير الذي طرأ على بنية الشاب الفلسطيني مؤخرًا، إذ "نلتقي مع مخربين صغار في السن يقضون أوقاتهم على شبكات التواصل، ويهتمون بتصوير أنفسهم قبل الخروج لتنفيذ عملية ويشاركون ذلك عبر تلغرام والتيك توك، ويرغبون بأن يكونوا مؤثرين عبر الشبكات".
في حين، أكد المختص في الشأن السياسي، بلال الشوبكي أن هناك عدة أسباب خلف تنامي حالة المقاومة في الضفة، تتمثل في الهوية الفلسطينية والثقافة بين الفلسطينيين القائمة على التحرر، وأن (إسرائيل) لم تدفع أي ثمن سياسي وأبقت الفلسطينيين في حالة فراغ سياسي دون أي مخرجات تدلل على مكاسب سياسية للفلسطينيين.
وقال الشوبكي في حديث لـ (الرسالة نت) إن الاحتلال يعمل وفق آليات محددة وسريعة للحد من تنامي حالات المقاومة.
وأوضح أن الاحتلال لا يعتني كثيرا بالاعتقالات، "ولكن يعمل على الاغتيالات وبالتالي هو يستخدم أساليب أكثر حدة في مواجهة حالة المقاومة المتصاعدة بالضفة والقدس".
وبيّن أنه لا بديل عن تنامي حالة المقاومة في جميع المناطق الفلسطينية إلا بتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وحصوله على مكاسب سياسية.