جددت، صباح السبت، الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، بمناطق متفرقة في العاصمة الخرطوم، رغم الهدنة.
وأفاد شهود عيان بأن أصوات المدافع دوت وسط الخرطوم حول محيط القصر الرئاسي وقيادة الجيش.
كما شهدت المناطق الجنوبية للخرطوم اشتباكات متفرقة بين الطرفين، وفق الشهود.
ويأتي تجدد الاشتباكات في ظل استمرار عمليات النزوح من الخرطوم إلى الولايات المجاورة بسبب سوء الوضع الأمني.
فيما يشهد الوضع الصحي بمناطق الاشتباك تدهورا كبيرا جراء توقف العديد من المستشفيات عن الخدمة لنقص الكوادر والمعدات الطبية.
محاولة للاستيلاء على الحكم
وقال الجيش السوداني، اليوم السبت، إنه أحبط محاولة “فاشلة للمتمردين وأعوانهم للاستيلاء على الحكم”.
وأضاف في بيان: “ما جرى إحباطه خلال الأسبوعين الماضيين كان محاولة فاشلة للاستيلاء على الحكم بقوة المتمردين وبغطاء سياسي كامل وهو في الحقيقة كان مشروعا لاختطاف الدولة السودانية بكل تاريخها لصالح مشروع حكم ذاتي لشخص واحد”.
وأردف: “فشلت كل محاولات المتمردين (في إشارة إلى قوات الدعم السريع) وأعوانهم من عملاء الداخل والخارج (لم يسمهم) في التسويق لمشروعهم القائم على خداع الناس وتزييف الحقائق وشراء الذمم”.
وأشار البيان إلى أن “القنوات الفضائية (دون تحديد) أسفرت عن وجهها الحقيقي المعادي للقوات المسلحة، ومن حسنات الأزمات تمايز الصفوف”.
وتابع أن الجيش “يعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتتمكن الشرطة وبقية أجهزة الدولة من استئناف عملها وعودة الحياة لطبيعتها بأسرع وقت ممكن”.
عدد القتلى يواصل الارتفاع
في السياق، أعلنت وزارة الصحة السودانية، السبت، ارتفاع عدد ضحايا الاشتباكات إلى 528 قتيلا و4599 مصابا.
وقالت الوزارة، في بيان، “جملة الوفيات بلغت 528 والإصابات 4599 إصابة تم تسجيلها بكل المستشفيات في ولايات البلاد (18 ولاية) في الفترة من 15 إلى 27 أبريل الجاري”.
وأشارت إلى أن عدد الولايات التي تأثرت بالاشتباكات هو 12 ولاية.
إسقاط طائرة
ميدانيا، قالت قوات الدعم السريع، في بيان، السبت، إنها “أسقطت طائرة حربية من طراز (ميغ) تتبع للجيش السوداني”.
وأوضح البيان: “تمكنت قوات الدعم السريع بأم درمان اليوم (السبت)، من إسقاط طائرة حربية طراز ميغ تتبع للجيش”، دون مزيد من التفاصيل.
هدنة هشة
ومساء الخميس، أعلن الجيش السوداني و”الدعم السريع” في بيانين، موافقتهما على تمديد الهدنة الإنسانية 72 ساعة إضافية، بناء على مساع أمريكية سعودية.
وواصل الجانبان معركتهما رغم الاتفاق أكثر من مرة على وقف إطلاق النار.
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش اليوم السبت بانتهاك وقف إطلاق النار في المناطق الخاضعة لسيطرته.
ولم يصدر تعليق فوري عن الجيش الذي ألقى في السابق باللائمة على قوات الدعم السريع في انتهاكات وقال اليوم إن قواته تواصل القتال لإنهاء “التمرد”.
وبدت احتمالات إجراء مفاوضات بين زعيمي الطرفين واهية حتى الآن.
وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إنه لن يجلس أبدا مع زعيم “المتمردين” في قوات الدعم السريع في إشارة إلى الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي. وقال قائد قوات الدعم السريع بدوره إنه لن يبدأ التفاوض إلا بعد أن يوقف الجيش الأعمال القتالية.
مبعوث أممي: الجانبان أكثر انفتاحا على المحادثات
قال فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان إنه استشعر تغيرا في مواقف الجانبين مؤخرا وإنهما أكثر انفتاحا على المفاوضات.
وأضاف “لم تكن كلمة ‘مفاوضات‘ أو ‘محادثات‘ واردة في خطابيهما خلال الأسبوع الأول أو نحو ذلك”.
قال بيرتس إن الطرفين رشحا ممثلين عنهما للمحادثات التي اقتُرحت إقامتها إما في جدة بالسعودية أو في جوبا بجنوب السودان، لكنه استطرد قائلا إن ثمة سؤالا عمليا حول ما إذا كان بوسعهما الذهاب إلى هناك “للجلوس معا فعليا”.
وأضاف أن المهمة التي لا تحتمل التأخير هي تطوير آلية لمراقبة وقف إطلاق النار.
وأشار بيرتس إلى أنه قال لمجلس الأمن الدولي إن كلا الطرفين كان يعتقد أن بوسعه الانتصار في الصراع لكنه أضاف أن المواقف تتغير.
وذكر بيرتس أنه في ظل إلقاء الطرفين بيانات تقول إن الطرف الآخر عليه “الاستسلام أو الموت”، فإنهما يقولان أيضا “حسنا، إننا نتقبل… شكلا ما من المحادثات”.
وتابع “أقر كلاهما بأن هذه الحرب لا يمكن أن تستمر”.
وقالت الأمم المتحدة إن عدد النازحين بسبب القتال يتجاوز 75 ألف شخص.
كابوس
قال رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك في مؤتمر عقده في نيروبي إن الحرب يجب أن تتوقف محذرا من تداعياتها ليس فقط في السودان ولكن في المنطقة.
وقال “هذه دولة ضخمة ومتشعبة للغاية … أعتقد أنها (الحرب) ستكون كابوسا للعالم”.
وأضاف “هذه ليست حربا بين جيش وتمرد صغير. إنهما تقريبا مثل جيشين مدربين تدريبا جيدا ومسلحين بشكل جيد”.
عمليات الإجلاء
فر عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الدول المجاورة ونفذت حكومات أجنبية عملية إجلاء كبيرة للرعايا. وقالت قناة الإخبارية السعودية إن سفينة ركاب تحمل على متنها 1982 شخصا من 17 دولة ستصل إلى ميناء جدة اليوم السبت، مضيفة أن خمسة آلاف شخص وصلوا بالفعل.
وقالت بريطانيا إن عمليات الإجلاء ستنتهي اليوم السبت مع تراجع الطلب على حجز أماكن على متن طائرات الإجلاء.
وتندلع معظم الاشتباكات في العاصمة الخرطوم حيث ينتشر مقاتلو قوات الدعم السريع في المناطق السكنية وتحاصر حرب الشوارع العديد من السكان الذين يعانون من شح المياه والغذاء والوقود والكهرباء.
كما أيقظ القتال صراعا عمره عقدان في إقليم دارفور بغرب السودان حيث قُتل العشرات الأسبوع الماضي.
وذكرت رافينا شامداساني المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن 96 شخصا على الأقل لقوا حتفهم بالإقليم منذ يوم الإثنين في العنف القبلي الذي أشعل صراع الجيش وقوات الدعم السريع فتيله مجددا.
وكالات