من المفترض أن يشارك الصحفيون الفلسطينيون في انتخابات نقابتهم خلال الأيام المقبلة، لكن الوقائع تشير إلى مقاطعة عدد كبير منهم لهذه المسرحية الهزلية كما وصفوها، كون العشرات من الأعضاء ليسوا بصحفيين لكنهم محسوبون على الأجهزة الأمنية وقطاعات أخرى، في المقابل هناك صحفيون حرموا من الحصول على عضوية النقابة لاعتبارات سياسية.
وكشفت مصادر صحفية أن الانتخابات حال وقوعها في موعدها المحدد ستكون شكلية، خاصة وأن هناك نظام محاصصة داخل النقابة بين كتل فصائل منظمة التحرير التي شكّلت قائمة واحدة لخوض انتخابات النقابة، بعد قرار مقاطعة الانتخابات من (حراك الصحفيين) و(كتلة الصحفي المستقل) وكتل حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ووفق المصدر ذاته فإنه بعد اتفاق أطراف (قائمة شهداء الصحافة الفلسطينية) على محاصصة المجلس الإداري للنقابة، بأن يكون للجبهة الشعبية 10 مقاعد، جرى تقليص نسبة مشاركتهم إلى 7 مقاعد، وتخفيض مقاعد الجبهة الديمقراطية إلى 4 بعد أن كانت 6 مقاعد، مع سيطرة حركة فتح على 44 مقعدًا، وتوزيع 8 مقاعد على باقي الفصائل ذات النفوذ والشعبية الأضعف.
وتتكوّن قائمة فصائل منظمة التحرير المشاركة في انتخابات النقابة من: حركة فتح، والجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية، وحزب الشعب، وجبهة النضال، وجبهة التحرير العربية، وجبهة التحرير الفلسطينية، وحزب فدا.
وبحسب مصادر مطلعة فإن أكثر من 60 شخصًا لا يعملون في الصحافة، بعضهم مفرغون في الأجهزة الأمنية، وآخرون يعملون داخل الخط الأخضر، لكنهم رغم ذلك حصلوا على عضوية في نقابة الصحفيين وأُدرجت أسماؤهم في السجل الانتخابي.
انتخابات هزلية
تقول الصحافية نائلة خليل: "يجب أن تكون النقابة للصحفيين، ما حدث منذ بداية حراك الصحفيين في أغسطس من العام الماضي هو المطالبة بإصلاح النقابة وملف العضوية فيها وكان ذلك بمثابة جرس إنذار للجهة المتنفذة في النقابة".
وذكرت خليل (للرسالة نت) أن نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر، نشر وقت حراك الصحفيين فيديو قال فيه إنه أخذ مشورته من رئيس الهيئة المستقلة عمار دويك، ليكون هناك مؤتمر استثنائي لعمل نظام داخلي جديد، مشيرة إلى أن ما جرى كان نظاما للتضليل.
وأشارت إلى أنه بدل الذهاب للقانون الداخلي سنة 2011، عمل القائمون داخل النقابة على نظام جديد يتناسب مع الموجودين حاليا حيث سيبقى المدراء العاملين ومسئولي الفصائل سواء فتح أو الجبهتان وما يتبعهم من فصائل صغيرة كما هم داخل النقابة.
ولفتت إلى أن النظام الداخلي الجديد لسنة 2023 صمم حتى يضمن بقاء الوجوه السابقة، بالإضافة إلى أنه جرى التلاعب والتغيير الجذري بمفهوم من هو الصحفي، فسابقا كان من يعتاش من الصحافة، بينما وفق النظام الجديد فإن كل من يكتب في كل دوائر العلاقات العامة ومكاتب الوزراء هم صحفيون، مع أنهم يتبعون لديوان الخدمة المدنية والموظفين ولديهم نقابة العاملين العموميين.
وتقول خليل: "لا يريدون نقابة صحفية حقيقية (..) ولدينا عتب كبير على الجبهة الشعبية التي قاطعت المجلس الوطني والمركزي، وقبلت بأن تكون ضمن محاصصة نقابة الصحفيين مع أن هذا يتنافى مع كل مبادئها السياسية والنقابية".
وأضافت: "ندرك جيدا أن هناك أشخاصا بعينهم من جروا الجبهة الشعبية بتاريخها الوطني إلى هذه المحاصصة".
وباعتبار أن عددا من الأعضاء ليسوا بصحفيين، من المؤكد أن المنافسة بعد نظام المحاصصة بين الفصائل المشاركة ستكون وهمية، وهنا تعقب الصحافية خليل: "حين رأينا اللعب وهندسة نظام داخلي جديد والتلاعب في ملف العضوية وإتخامه بمئات من غير الصحفيين، تواصلنا مع أسماء لامعه لإخبارهم بحقيقة ما يجري حتى لا يتم تضلليهم وإقناعهم بهذه الانتخابات".
وتختم خليل قولها: "لن نكون ممثلين في مسرحية هزلية تدعي الديمقراطية، هذه محاصصة من الدرجة الأولى لن أكون طرفا فيها".
بيان حراك الصحفيين
وبدلا من احتفال الصحفيين بيوم الصحافة العالمي في الثالث من كل عام، أعلن أمس حراك الصحفيين مقاطعته لانتخابات نقابة الصحفيين، مؤكدا في بيان له أن "الانتخابات لن تمنح الشرعية لأي جسم فصائلي يتستر بالعمل النقابي".
وقال الحراك في بيان له، "منذ بياننا الأول في أغسطس آب 2022، كانت مطالبنا بـ "إصلاح نقابة الصحفيين، وملف العضوية وإجراء انتخابات"، لا إعادة إنتاج الموجودين من الفئة المتنفذة في النقابة، والمحاصصة الفصائلية العقيمة تحت شعار ديمقراطية كاذبة".
وأضاف: "لذلك كانت مقاطعة الحراك لانتخابات النقابة هي الرد على هذه المسرحية والقائمين عليها من فصيل متنفذ يملك السلطة والمال وفصائل تدور في فلكها انقرضت وعفا عليها الزمن بوجود صفري في الشارع وفي المشهد الإعلامي".
وتابع الحراك: "طالبنا بإصلاح النقابة وملف العضوية، فما كان من الهيئة المستقلة حسب ما صرّح النقيب المكلف إلا أن قدمت مشورة بعقد مؤتمر استثنائي لإقرار نظام داخلي جديد، تم تفصيله على مقاس الفئة المتنفذة في النقابة من مدراء عامين وفصائل.
وأكد الحراك أن ما جرى فعليًا هو بمثابة القضاء على الشرط الأساسي للعضوية في النقابة والذي ينص على (يعتاش من الصحافة ويعمل بها) كما هو في النظام الداخلي عام 2011، إلى وصف آخر مشوّه لضمان الأغلبية العددية بأي ثمن.
وذكر أن الحرص على عدم نشر اسم وسيلة الإعلام التي يعمل بها الصحفي ومدينته في سجل الصحفيين الذي أصدرته النقابة يدلل على رغبتهم بعدم فضح مئات الأسماء التي هبطت على النقابة (بمظلة الأحزاب والأمن، والعلاقات الشخصية)، فكان رد حراك الصحفيين بأن يترك لهم المسرحية التي تدعي الديمقراطية، ويراقب محاصصتهم لكعكة النقابة.