صدحت مآذن المساجد مجددًا في تلك القرية التي هتفت لوقت قريب حناجر المشيعين في طرقاتها للشهيد خضر عدنان، وكانت أصوات التكبير تعلو عبر المآذن وتنوح على رحيل قادة وأبطال من حواريها.
عرّابة، أو كما تعرف ببلدة القادة، تبلغ مساحتها 12 كم، وتقع في المنطقة الجنوبية لذلك المخيم الأكثر عنادًا للاحتلال.. جنين.
تودع القرية اليوم شهيدا قائدًا جديدا، بعد أن ودعت بالأمس الشهيد القائد عدنان، الذي ارتقى في سجون الاحتلال مضربا عن الطعام، ومواجها الاحتلال بأمعائه الخاوية؛ أما اليوم فارتقى رفيق دربه وابن صفّه طارق عز الدين في عملية اغتيال جبانة فجر اليوم في غزة.
ماهر الأخرس القيادي في حركة الجهاد، يرصد عرّابة بطريقته، فهو ابن المدينة أيضا، ويقول إنها بلد زاخرة بالقادة الذين ارتقوا في الانتفاضة الثانية.
هذه البلدة، هي التي خرج من رحمها أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية، كما خرج منها قادة كبار أثروا في مسار المعركة مع الاحتلال، بحسب حديث الأخرس لـ(الرسالة نت).
ويعد الشهيد طارق، واحدا من الذين أشرفوا على العمليات الاستشهادية وجهز عشرات الاستشهاديين، بحسب الأخرس.
كما أنه وُضع على قوائم الاغتيال، وقد تعرض للموت مرارا في الضفة، حتى نجح الاحتلال في اعتقاله بعد عملية السور الواقي 2002، وحكم عليه بعدة مؤبدات، قبل أن يفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار.
وأكد أن استشهاد طارق كان متوقعا في أي لحظة وفي أي هجوم على غزة؛ لأن الاحتلال كان يدرك عظيم شأنه في قيادة العمل المقاوم.
من جهته، قال جعفر عز الدين شقيق الشهيد طارق، إن العائلة توقعت ارتقائه شهيدا في أي لحظة، وكانت تدرك أن الطريق الذي شقه طارق، لن يتوقف الا بالشهادة.
وأكدّ جعفر لـ(الرسالة نت) أنّ شقيقه طارق كان صديقا مقربا من الشهيد خضر عدنان، وكانا يؤمنان بالعزائم ويرفضان الأخذ بالرخص.
وأوضح أن هذه العزيمة كانت تعبر عن رجال أشداء في نصر قضيتهم، مهما كلفتهم من ثمن.
وأمضى طارق في سجون الاحتلال أكثر من 10 سنوات، وكان محكومًا بالسجن المؤبد قبل أن يتم إطلاق سراحه في صفقة وفاء الأحرار وإبعاده إلى غزة عام 2011، وتشهد له ميادين العمل الجهادي والإعلامي وفعاليات دعم وإسناد الأسرى التي حرص على التواجد فيها رغم ظرفه الأمني.