من الواضح أن مرور المزيد من الوقت في ظل صمت المقاومة الفلسطينية وتخطيطها بدقة للرد على جريمة الاحتلال (الإسرائيلي) التي ارتكبها الليلة الماضية باغتيال عدد من قادة المقاومة، يضع قادة الاحتلال في مأزق ويزيد من حالة القلق والتوتر لديه.
واغتال جيش الاحتلال 3 من قيادة سرايا القدس، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فيما أعلنت وزارة الصحة أن العدوان على قطاع غزة أدى لارتقاء 15 شهيدا وأكثر من 20 إصابة أغلبهم من النساء والأطفال.
ونعت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية شهداء شعبنا من القادة والأطفال والنساء الذين ارتقوا جراء العدوان الصهيوني الغادر الذي شنه الاحتلال على بيوت الآمنين، وعلى رأسهم الشهداء القادة في سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي جهاد الغنام وخليل البهتيني وطارق عز الدين.
وقالت الغرفة في تصريح مقتضب، ظهر اليوم الثلاثاء، إن الغرفة المشتركة إذ تنعى شهداء شعبنا لتحمل العدو المجرم المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الجريمة الجبانة، وعلى الاحتلال وقادته الذين بادروا بالعدوان أن يستعدوا لدفع الثمن بإذن الله.
ويبدو أن مرور الساعات دون أن تحرك المقاومة ساكنا أو تكشف طبيعة ردها على الاحتلال، يعكس حالة التخطيط الجيد لدى المقاومة وعدم التسرع، فيما قد يكون الرد مغايرا للطرق التي اعتاد عليها الاحتلال.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الكومي أن عملية الاغتيال مثلت كسرًا لقواعد الاشتباك التي كانت قائمة بين الاحتلال والمقاومة التي شعرت أنها أمام تحدٍ جديد وسياسة جديدة.
ويوضح الكومي في حديثه لـ (الرسالة) أن الاحتلال يحاول وضع المقاومة أمام سياسة جديدة وخيارات صعبة بتطبيق سياسة الاغتيالات، مقدرا أن يكون الرد غير اعتيادي في ظل أن ما يجري محاولة فرض معادلة جديدة.
ويبين أن الأهم وفق الأخبار المتداولة أن القيادة السياسية والعسكرية للجهاد كان من المقرر أن تكون في مصر صباحا وهو ما يضعها في حالة حرج كبير مع الاحتلال عدا عن كسر حالة الهدوء وشروط وقف إطلاق النار التي كانت مصر جزءا منها في بداية الشهر الجاري.
ويرى أن المجريات تهز ثقة قادة المقاومة بأي وسيط قادم يمكن أن يتدخل لوقف إطلاق النار.
ويشدد الكومي على أن الاحتلال وضع نفسه في مأزق وأخطأ في تقديرات هذه الجولة والكرة اليوم في ملعب المقاومة ولا بد أن ترد بالشكل والطريقة التي توافق قرار سياسة عودة الاغتيالات وتحمي وتصون المنجزات العسكرية التي فرضتها بعد معركة سيف القدس لذلك الساعات والأيام القادمة صعبة ومفتوحة على كل الاحتمالات.
ويعتقد الكاتب والمحلل في الشأن (الإسرائيلي) د. عدنان أبو عامر أن مرور ساعات على جريمة الاغتيال البشعة في قلب غزة، دون أن يتلقى الاحتلال، ردودا من المقاومة، ولو رمزيّة، يزيد من قلقه، ويدخل حسابات الحقل والبيدر لديه حالة من التناقضات.
ويقول أبو عامر إن ما يجري يرفع من التقديرات القائلة إن (أولياء الدم) هم من سيختارون التوقيت والآلية والرد المناسب على جريمة بهذا الحجم، وخسارة بهذه الفداحة، وسيبقى الاحتلال واقفا على قدم ونصف.
ويبين أن الاحتلال ذهب للاغتيال من أجل تحقيق أهداف سياسية وعسكرية وأمنية في وقت واحد لكن ليس من الضروري أن يضمن نجاحه خاصة أن المقاومة ستختار طبيعة وشكل الرد.
ويرجح أبو عامر أن يكون الرد مختلفا ودون أن يكون الاحتلال في حالة تهيؤ حقيقي وجاهزية، مبينا أن إعلان الطوارئ وإغلاق المطارات والطرق وإخلاء المستوطنات المحاذية لقطاع غزة يعني أن الساعات القادمة ستكون حبلى بالتطورات العسكرية والسياسية دون معرفة طبيعة الرد.