قائد الطوفان قائد الطوفان

تكتيك الاستنزاف والتحكم الصامت

خالد النجار

دخلت المواجهة في مرحلة التكتيك والاستنزاف بأدوات مختلفة وأساليب قتالية جديدة، تمارسها غرفة العمليات المشتركة بحكمة بالغة، وغير مسبوقة، وذلك في إطار عمليات الرد على العدوان الصهيوني منذ خمسة أيام، ومن الجدير ذكره في هذا الإطار هو أن المقاومة تمتلك قدرة استنزاف الاحتلال لأطول فترة زمنية ممكنة، حيث تستند في هذا الإجراء على الكثير من الأدوات والوسائل التي تحقق لها التفوق في هذه المعادلة، ومن بين تلك الوسائل، هي استراتيجية التحكم الصامت في معادلة المواجهة من خلال الهدوء وضبط النفس، والاستعداد لإطلاق رشقات صاروخية للرد على كل اعتداء صهيوني، بالتزامن مع قبولها لكل الوساطات الإقليمية والدولية.

يُعد هذا التكتيك من بين العمليات النفسية التي تضرب دوافع الحكومة الصهيونية لمهاجمة غزة، وتشتيت مؤسسة صنع القرار، وإبقاءها عاجزة على تحديد المدة الزمنية لانتهاء المواجهة، بالإضافة إلى فقدان الجبهة الداخلية الثقة بقيادتها التي تعهدت بوقف النشاط المسلح في قطاع غزة، وتخفيض مستوى الخطر في المنطقة والذي يمس بحياة المستوطنين، إضافة إلى تأثير تلك الاستراتيجية على الكثير من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لدى الاحتلال، الذي يرفض البقاء في أحد جوانب المعادلة التي تفرضها المقاومة، باعتبار أن هذه الإجراءات تضع الحكومة الصهيونية في مأزق كبير، ولا أبالغ هنا إن قُلت أن التكتيك والتحكم الصامت هو سياسة المنتصر الذي يفرض معادلاته زمنيًا ومكانيًا، وهو من يمتلك أدوات الردع، بغض النظر عن الخسائر البشرية في صفوف المقاومة والمدنيين.

إن إطالة أمد المعركة، يعتمد على هذا الأسلوب من القتال، سيما في ظل ذروة العدوان الصهيوني الذي خرج عن نسق القانون والأعراف الدولية، وصمت المجتمع الدولي أمام الجرائم الصهيونية في غزة، حيث نجحت المقاومة في الوصول إلى اليوم الخامس واستنزاف الحكومة الصهيونية وتعرية رئيس وزراءها ووزير الجيش أمام الأحزاب الصهيونية بما فيها أحزاب وقوى المعارضة التي تنتقد سلوك نتنياهو في ضعف التعاطي مع الوسطاء، وعدم قبوله لوقف عدوانه على غزة، ضمن المفاوضات الأخيرة، والتي رفض خلالها تنفيذ شروط المقاومة، حيث تشير التقديرات الصهيونية إلى إمكانية توسيع المواجهة ومواصلتها عدة أيام، حيث تعتقد المنظومة الأمنية الصهيونية أن المقاومة أدخلت نتنياهو في حالة من الاستنزاف وتعمل على جر المنطقة بأكملها إلى اليوم الذي من المقرر أن تنطلق فيه مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى، وهو السيناريو الذي يهدد ما يسمى "نجاح نتنياهو" في جز العشب في الساحتين المشتعلتين (غزة والضفة الغربية).

وبالتالي فإن حالة التخبط التي بدأت ملامحها على وجه وزراء حكومة الاحتلال، ستدفع نتنياهو لخيارين، وكلاهما سيشكلان رأيًا صهيونيًا مناهضًا لسياساته في التعامل مع المعطيات خلال هذه المرحلة، وهما:

أولاً: الانسحاب من المواجهة بشكل أحادي الجانب، وإعلان وقف العدوان، بدعوى تحقيق الأهداف التي جاء نتنياهو الوصول إليها، وهذا الخيار سيشكل انتقادات لاذعة له، باعتبار أن عدم الوصول لصيغة وقف إطلاق النار مع الفصائل سيجعل الأبواب مفتوحة امام المقاومة للرد على مسيرة الأعلام، التي ستنطلق يوم الخميس في التاسع عشر من هذا الشهر، والعودة إلى القتال من جديد، وإدخال المنطقة في حالة من التوتر، لاحتمالية دخول محور المقاومة على خط المواجهة.

ثانيًا: تنفيذ شروط المقاومة، والانصياع إلى وقف العدوان، وبالتالي ستكون المقاومة هي من حققت مكاسب الجولة، باعتبار أن الرضوخ أمام المقاومة هو استسلام حقيقي، وخسارة متكاملة الأطراف، وبالتالي سيخسر نتنياهو ائتلاف اليمين، وسيدخل في صدام داخلي مع القوى الصهيونية التي ستدفع به إلى الإقالة من الحكومة.

البث المباشر