قائد الطوفان قائد الطوفان

شمال غزة يُباد.. قتل وتدمير وتشريد وملاحقة الرافضين للتهجير

جباليا
جباليا

الرسالة نت- خاص

كمين أعلنت عنه كتائب القسام، من جديد في شمال القطاع، الذي يقاتل لعام وأكثر، بمساندة أهله الثابتين، وبالأمس أيضا حدث كمين، وقبلها كمين، وكل يوم يمر يحقد الاحتلال على قطاع غزة أكثر، وتكبر مقاومته أكثر، ويثبت أهله في وجه الإبادة إلى ما لا نهاية، ويسعدهم تقافز المقاومين بينهم حتى يحدث الله أمرا، بل يستمد كل منهما القوة من الآخر، تلك هي صورة جباليا التي تتعرض للإبادة الجماعية على أيدي جنود محتلين ومرتزقة، جمعتهم (إسرائيل) لتمارس هواية القتل.


ولكنها جباليا، ليست اسم مدينة فحسب، وإنما جاءت من الجبل كما جاءت غزة من غزوة، ولكل من اسمه نصيب، حكت كل المعاني بثبات لا شبيه له، واليوم القتل هو ثمن الثبات على الحق، وسيلة الاحتلال المعروفة.
ليس قتلا، بل قتل المقتول، وانتهاك كل حرمات الموت، قصف المنازل مرة ومرتين على شهداء لم يجدو من ينتشلهم، حتى تبخرت أجساد البعض منهم، كما قالت وزارة الصحة الفلسطينة .


ثم تبخرت العمائر، وتحولت إلى ركام، وفوق الركام ينام من تبقى على قيد الحياة مصرا أيضا على الثبات حتى النفس الأخير.
لكن ما حدث منذ سبعة عشر يوما فاق كل خيالاتنا كبشر، قتل وهدم وتهديد وتهجير، وكل يوم يمر، يكون من الواجب علينا أن نعد الشهداء ويطمئن كل واحد منا على فقيده، ثم نحصي جراح جباليا، وبيت لاهيا، والشيخ رضوان، والصطفاوي، وكل تلك الأماكن الشمالية للقطاع، والتي دفعت الأثمان مضاعفة في إبادة نالت من كل مواطن يعيش في قطاع غزة.


اليوم استفحل القتل، وتعطلت كل المنظومة الصحية في شمال القطاع، وفقد الأحبة تحت الجرافات، وبين الردم، وفي الطرقات، لا يصل إليهم أحد، بعد أن منع الاحتلال الدفاع المدني وطواقم وزارة الصحة من الدخول إلى جباليا ومخيمها، ومناطق الشمال.
ثم بدأ سيناريو التهديد بالموت، فتهجر المدنيون من بيوتهم إلى مراكز الإيواء، ولم يكتف الاحتلال بذلك، بل قصف مدارس الإيواء، وأمر ممن تبقوا على قيد الحياة مغادرتها، حتى تصير المدينة بلا ألوان، بلا روح، بلا أهلها.


طوابير من الناس خرجت للشوارع خوفا على حياة أطفالها من الموت، فإذا بطائرات الاحتلال تستهدفهم وهم مارين بالطرقات المهدمة، فتتناثر الجثث والأشلاء.
 أطفال ونساء ومرضى، وعاجزون عن صرخة أخيرة، بينما يشاهد العالم دون أي كلمة حق تنصف الدم المهدور في جباليا، وسط أخبار تأتي شحيحة من الشمال، بسبب انقطاع الانترنت والاتصالات، ومهاجمة الصحافيين والمصورين.


يذبح الاحتلال أبناءنا، ويصادر حقهم بالنجاة، بعد أكثر من أسبوعين من الصبر، تقوم مُسيرات (الكواد كابتر) بمحاصرة مدارس بركة أبو راشد، ثم تنادي على النازحين بتجهيز أنفسهم خلال ساعة، ولم يكن ذلك إلا تحضيرا للمقصلة، فقد أطلقت الطائرات النيران عليهم مباشرة، ومن هرب منهم كان ناقصا لفرد أو اثنين، إخوة فقدوا شقيقهم، وأم تبكي على طفلها، وآخر يحمل أشلاء جار أو رفيق.


دقق الاحتلال بهويات من تبقى، اعتقل العشرات، عرى الشباب والرجال من ملابسهم وأهانهم على قارعة الوجع، ثم اغتال حق بعضهم في الحياة واعتقل الأخر، حتى أضحت المدينة مفروشة بدماء وأشلاء وأجساد مقطعة للأبرياء.


ثم تقدمت الآليات نحو مستشفى اليمن السعيد، تحاصره، وتطلب من الطواقم الطبية النزوح، بل وتطلب من الراقدين على أسرة المرض النزوح، وذلك كل ما نعلمه عن الموت المحيط بالمدينة، ووحشية المحتل التي فاقت كل التصورات.
الكل عينه متجهة نحو الشمال، الذي يقطنه 150 ألف مواطن، محرومون من العلاج والطعام وشربة الماء، يحاصرهم الموت وتحلق فوق رؤوسهم طائرات تلقي الحمم، مشهد أقرب ما يكون لفيلم مرعب، أو كابوس لا يتخيل البشر أنه يمكن أن يكون حقيقة، لكنه كان، والعالم يسمع ويرى، ولا يتكلم !!

البث المباشر