انتهت معركة (ثأر الأحرار) ليعود الفلسطيني لحرب السيادة المستمرة على القدس والمقدسات لمنع الاحتلال من تنفيذ مخططاته التي يهدف من خلالها لتهويد القدس وفرض التقسم الزماني والمكاني على الأقصى.
وتواصل منظمات الهيكل المتطرفة حشدها لفرض أكبر اقتحام في تاريخ المسجد الأقصى يوم الخميس 18-5-2023 في الذكرى العبرية لاحتلال القدس، وقد حددت الوصول إلى 5,000 مقتحم باعتباره هدفها المركزي لذلك اليوم.
وقد ساهم عدد من قادة تلك الجماعات ونشطائها في التعبئة لهذا الاقتحام بنشر صورهم وهم يحملون الرقم 5,000 من داخل ساحة الأقصى.
وتستخدم منظمات الهيكل هذا الرقم باعتباره سقفاً تعبوياً لجمهورها مع إدراكها لصعوبة تحقيقه خصوصاً وأن أكبر رقم حققته في تاريخها كان 2,200 مقتحم في يوم 7-8-2022 في الاقتحام المركزي في "ذكرى خراب الهيكل" والذي جاء أثناء العدوان على قطاع غزة حينها.
وتسعى حكومة الاحتلال واليمين الصهيوني عموماً إلى فرض عدوانين كبيرين في القدس يوم الخميس 18 أيار:
الأول: اقتحام مركزي للمسجد الأقصى ما بين الساعة 7:00-11:30 صباحاً ويستأنف لساعة واحدة بعد صلاة الظهر.
الثاني: مسيرة الأعلام ما بين الساعة 4:00-6:00 مساء التي تطوف حول البلدة القديمة وتقتحمها من باب العامود، وهذه السنة هناك محاولة قائمة لاختتامها باقتحام مسائي للأقصى لأول مرة منذ احتلاله.
إصرار الاحتلال على تنفيذ مسيرة الأعلام يرافقه توجس كبير ومخاوف من ردة الفعل الفلسطينية، حيث أطلق نشطاء مقدسيون وفلسطينيون دعوات لإحياء الفجر العظيم في المسجد الأقصى المبارك فجر يوم الخميس المقبل (18 مايو/أيار)؛ والتصدي لاقتحامات المستوطنين ومسيرة الأعلام المتوقعة.
وأوضحت الدعوات ضرورة الحشد في الفجر تفاديًا للتقييد الذي يُتوقع أن تفرضه قوات الاحتلال على أبواب المسجد مع ساعات الصباح.
ويرى رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير ناصر الهدمي، إن مسيرة الأعلام هي تعبير واضح عن عجز الاحتلال وفشله في السيطرة على القدس، "فهو يضطر لتحويل ما يزعم أنها عاصمته لثكنة عسكرية كي يمرر مسيرة!"
وأضاف الهدمي في تصريح خاص بـ"الرسالة نت"، أن مسيرة الأعلام محاولة بائسة من حكومة الاحتلال التي عجزت عن حسم ملفات واسعة في القدس؛ لتعوض عجزها، خاصة بعد فشلها في مواجهة المقدسيين وتراجعها في ملفات تهجير باب الخان الأحمر والسيطرة على مسجد مصلى الرحمة.
وأكد أن عناصر القوة لدى الشعب الفلسطيني حاضرة بشكل قوي، فهي تجبر الاحتلال بشكل دائم للاحتفال وسط أكبر استعراض عسكري في المنطقة، وتتحول المسيرات التي يفترض أنها شعبية تتحول لثكنات عسكرية، في تعبير واضح عن فشل الحكومة وعجزها.
ولفت الهدمي إلى أن الاحتلال بدأ بتنظيم هذه المسيرة بعد احتلال الجزء الشرقي لمدينة القدس، وضمه لحكمه، وأراد من خلالها أن تعبر عن رمزية سيادة الاحتلال وسيطرته الكاملة على المدينة المقدسة.
وأوضح أن المسيرة في البدايات كانت تمر من الجزء الغربي لمدينة القدس من بوابة الخليل للبلدة القديمة باتجاه حائط البراق، فيما بدأ في السنوات الأخيرة جعلها تمر لباب العامود الذي أصبح أيقونة وطنية لدى المقدسيين، ولهذا يحاول الاحتلال استفزازهم بالعبور عن طريق الباب.
وأكد الهدمي أن المسيرة فشلت في بداياتها؛ لأن الاحتلال يضطر في كل مرة إلى تحويل مدينة القدس التي يزعم أنها عاصمته؛ لثكنة عسكرية ليؤمن فيها مستوطنيه، في رسالة واضحة تعبر عن عجزه في توفير الأمن دون هذه الإجراءات.
وأضاف الهدمي: "المواجهة تجاوزت القدس، وانخرط فيها الشعب الفلسطيني بأسره؛ ليضع الاحتلال أمام مواجهة المسيرة".
وبيّن أن الاحتلال في سنواته الأخيرة لم ينجح في تمرير هذه المسيرة دون توتر ومواجهات، بين أبناء المدينة وسلطات الاحتلال، وأصبح يفقد السيطرة على المدينة العاصمة وفق تصنيفه للإعلام العبري، وأصبح يضطر لخوض مواجهة تمتد خارج المدينة بسبب المسيرة.
وأوضح أن هذه الحكومة جاءت بوعود ثبت أنها عاجزة عن الوفاء بها ولم تستطع أن تحققها في سياق تمرير مسيرات آمنة للاحتلال، كما أنها لم تنجح في فتح ملفات سابقة وعدت بحسمها كالخان الأحمر وباب الرحمة وغيرها من الملفات.
وتهدد عصابات المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى المبارك يوم الخميس القادم، وتسيير مسيرات العودة عبر باب العامود.
وقال نائب مدير عام دائرة الأوقاف بالقدس د. ناجح بكيرات، إنّ الاحتلال حوّل مدينة القدس لثكنة عسكريةـ، تمهيدا لمسيرات الأعلام التي يجهز لها يوم الخميس القادم.
وأوضح بكيرات لـ"الرسالة نت" أنّ الاحتلال شرع باتخاذ إجراءات كثيرة لضمان نجاح مسيرته يوم الخميس، من بينها نشر أكبر قدر من القوات والجنود في الطرقات بالبلدة القديمة، وإقامة حواجز كبيرة في الطرق المؤدية للبلدة وباب العامود.
وأكدّ بكيرات أنّ الاحتلال بدأ بتضييق حركة التجار ووجه باغلاق محال عديدة في البلدة القديمة، كما باشر اعتقال عديد النشطاء المؤثرين في البلدة القديمة.
وأوضح أن هذه الإجراءات ترافقت مع زيادة عدد الإبعادات التي تستهدف المرابطين من سكان المدينة.
وذكر بكيرات أن المشهد في القدس يحاكي ما كان عليه في شهر رمضان، من تحويلها لثكنات وحواجز عسكرية كبيرة.
وبيّن أن هذه المشاهد محاولة لفرض الاحتفالات بالقوة على الشارع المقدسي، وإظهار أن المدينة عاصمة للمشروع اليهودي.
وأضاف: "رغم كل ما يفعلونه؛ لكن التفوق السكاني والحضاري والقيمي هو لأهل القدس في المنطقة".
وأشار بكيرات إلى أن صراع الاحتلال في البلدة القديمة يترافق مع بلطجته بحق المقدسيين في هدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم ومحاولاته الدائمة لطردهم من المدينة وتهجيرهم منها، "كل هذه إجراءات يريد من خلالها ترهيب المقدسيين؛ لإظهار القدس عاصمة له".