نقل موقع "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، الأحد الماضي، مناشدات ومطالبات لاجئين فلسطينيين في سوريا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" للإسراع بتوزيع المساعدات المالية المقدمة لهم بشكل فوري، وعدم المماطلة في ذلك، والتحرك العاجل للوقوف على احتياجاتهم.
وأشار الموقع في تقرير له إلى أن هذه المناشدات تأتي في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين في سوريا خلال الفترة الماضية.
ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من أعباء مضاعفة نتيجة عجزهم عن تأمين أبسط احتياجاتهم اليومية في ظل التدهور الاقتصادي المستمر الذي تشهده البلاد، وارتفاع أسعار معظم السلع والمواد الأساسية في الأسواق السورية، وانعدام فرص العمل، وضعف القدرة الشرائية لليرة السورية بعد خسارتها الكثير من قيمتها منذ بداية العام الجاري.
وبدوره، كشف المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني خلال مشاركته في القمة العربية التي عُقدت مؤخرا في مدينة جدة السعودية، أن الوكالة تواجه نقصا في التمويل وانخفاضا في جودة بعض خدماتها في مناطق عملها.
حيث تزداد تحديات اللاجئين بشكل كبير في ظل ظروف من الفقر والبطالة والأزمات المالية، والإهمال، والصراعات، والكوارث.
وناشد لازاريني الداعمين العرب لزيادة الدعم المالي، مؤكدا أن الأنروا تحتاج 1.4 مليار دولار أميركي لتغطية تكاليف عملها وبرامجها واستجابتها للحالات الطارئة.
أوجه المعاناة
وأجبرت الحرب السورية (2011 – حتى الآن) عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى ترك منازلهم في مخيماتهم كمخيمي اليرموك والحسينية، والنزوح إلى بلدان الجوار أو إلى المناطق الآمنة الخاضعة لسيطرة النظام أو المعارضة.
أدى ذلك إلى معايشتهم تجربة النزوح واللجوء مجددا وفقدانهم أعمالهم وممتلكاتهم، في حين فاقمت الأزمات المركبة التي تشهدها مناطق سيطرة النظام من معاناتهم في الحصول على الحد الأدنى من مقومات العيش.
يقول أبو قاسم (42 عاما) وهو موظف في القطاع الخاص ولاجئ فلسطيني نازح من مخيم اليرموك إلى منطقة التضامن في دمشق، للجزيرة نت: "إن مساعدات الأونروا من أبسط حقوقنا كلاجئين، خاصة أن الوضع المعيشي في سوريا بات غير محتمل، فعليّ دفع إيجار منزلي، وتأمين الحاجات الضرورية لأطفالي الخمسة، وأنا لا أستلم المساعدة المالية إلا مرة كل 3 أو 4 أشهر وأحيانا لا أستلمها أبدا".
ويضيف: "اعتدنا في الماضي على استلام السلال الغذائية والصحية دوريا، وفيها كفايتنا من المنظفات والغذائيات الأساسية من زيت وحليب أطفال وأرز وطحين وبقوليات وغيرها، أما الآن فعليّ أن أتدبر من مرتبي البالغ 270 ألف ليرة (34 دولارا) كل هذه الاحتياجات ومعها إيجار المنزل ومصاريف تعليم الأولاد".
ويضطر أبو قاسم على مضض إلى السماح لابنيه قاسم (19 عاما) ومهند (15 عاما) بالعمل بعد دوام المدرسة والجامعة لتتمكن العائلة من تلبية احتياجاتها اليومية.
وكان لاجئون فلسطينيون في مخيم المزيريب بمحافظة درعا، قد نظموا في مارس/آذار الماضي، وقفات احتجاجية ضد سياسات وكالة الأونروا بعد تدني قيمة المساعدات المالية، وتأخر مواعيد صرفها، ونقص المعونات الغذائية بما يجعلهم عاجزين عن تأمين الحد الأدنى من احتياجات العيش.
وعن وجه آخر من المعاناة تقول إيمان، مدرسة لغة عربية ولاجئة فلسطينية في مخيم السبينة في دمشق، للجزيرة نت: "أضطر وأطفالي كل 6 أشهر أو أقل الانتقال من شقة إلى أخرى بعد رفع أصحاب الشقق الإيجار تبعا لارتفاع سعر صرف الدولار، علما أن المخيم يكاد يكون غير مخدَّم، حتى أننا أحيانا نقضي عشرات الأيام بلا ماء أو كهرباء".
وتضيف: "بعد تدني قيمة المساعدة المالية من الأونروا وارتفاع أسعار الحاجيات والإيجارات، بت ألجأ في كثير من الأحيان إلى استدانة المال من الأصدقاء والأقرباء المهاجرين لدفع إيجار المنزل وتأمين الطعام والشراب".
وأقرت الأونروا مقدار المساعدات المالية المقدمة للاجئين الفلسطينيين في سوريا لهذا العام، وخصّصت الوكالة مبلغ 202 ألف ليرة (نحو 22 دولارا) للفرد في العائلات الأكثر عوزا (لم تنشر الوكالة معايير تصنيف العائلات من حيث العوز)، و148 ألفا (16 دولارا تقريبا) للفرد في "الحالات العادية"، على أن توزع هذه المعونة المالية لـ3 مرات خلال العام.
أزمات مضافة
وإلى جانب الاحتياجات المعيشية الأساسية، وغلاء بدلات إيجار الشقق السكنية، يعاني اللاجئون الفلسطينيون من صعوبة في توفير الأدوية والمستلزمات الطبية نظرا لنقصها في مراكز وكالة الأونروا في سوريا، وارتفاع أسعارها في الأسواق.
ونقلت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" عن لاجئين فلسطينيين في عدة مخيمات سورية مطالبتهم وكالة الأونروا بتوفير الأدوية الضرورية لهم بشكل مستعجل ودائم، وعدم ترك المرضى عرضة لأي خطر بسبب انقطاع الأدوية، مشيرة إلى أنهم لا يملكون مصادر دخل تسمح لهم بشراء الأدوية من أماكن أخرى.
وقال مصطفى (33 عاما)، موظف سابق بوكالة الأونروا في سوريا: "مع تراجع التمويل خلال السنوات الأخيرة فإنه بات ينقص من مراكز الوكالة كل شيء بما في ذلك الأدوية، وكنا نضطر إلى ترشيد صرفنا للدواء بحسب درجة حاجة المريض وخطورة المرض".
وبحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، فإن مراكز وكالة الأمم المتحدة في سوريا تعاني من نقص حاد في الأدوية الضرورية للأمراض المزمنة والحرجة، مما يضع حياة آلاف اللاجئين الفلسطينيين في خطر.
وتقدّر وكالة الأونروا أعداد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بنحو 438 ألف لاجئ، يعاني أكثر من 91% منهم من فقر مدقع (يعيش الفرد منهم بأقل من دولارين في اليوم)، بينما يعيش 40% حالة نزوح مطوّلة بعد تدمر مساكنهم خلال الحرب السورية.
الجزيرة نت