تعكس عملية الجندي المصري البطولية على حدود فلسطين المحتلة الجنوبية، حالة الإخفاق الكبير والفشل الفاضح للمنظومة الأمنية لدى الاحتلال برمتها، والتي بقيت واقفة على قدم واحدة لعدة ساعات.
وبعد أن تكشفت تفاصيل العملية، بات من الواضح عجز الاحتلال عن حماية حدوده على مختلف الجبهات، وفشله في تأمين الجدران والحصون والعوائق التي يبنيها حول نفسه.
وقُتل ثلاثة جنود وأصيب آخرون بعملية إطلاق نار نفذها جندي مصري على الحدود، فيما استشهد المنفذ بعد 6 ساعات من الاشتباك في كمين لدورية الاحتلال قرب معبر(نيتسانا) الذي أنشئ عام 1982، بعد توقيع معاهدة التسوية بين (إسرائيل) ومصر.
وذكر المحلل العسكري في صحيفة (يديعوت احرونوت)، يوسي يهوشواع، أن هذا ثاني تسلل عبر الحدود (الإسرائيلية) في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد أن تسلل شخص من لبنان لمسافة 70 كيلومترا تقريبا، في آذار/مارس الماضي، وتمكن من الوصول إلى مفترق مجدو، ووضع عبوة ناسفة، تسبب انفجارها بإصابة خطيرة لمستوطن. وقتل جنود (إسرائيليون) المتسلل عند الحدود مع لبنان لدى عودته إليها.
وأضاف يهوشواع: "الادعاء بأن الحدود المصرية (الإسرائيلية) بطول 230 كيلومترا، ولذلك مستوى الاستنفار (في القوات الإسرائيلية) متدن، لا أساس له أبدا. ففي هذا المحور توجد عمليات تهريب ليلا، ومطاردات ساخنة تشمل اشتباكات مسلحة مع مهربي مخدرات وأسلحة. والتوتر العسكري هناك مرتفع أكثر من جبهات أخرى مثل غزة ولبنان".
واعتبر أن "المنظومة الدفاعية (الإسرائيلية) انهارت، أمس. وهذا حدث يفترض أن يذكّر قيادة الجيش (الإسرائيلي)، وكذلك وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذين يتحدثون كثيرا عن مهاجمة إيران، بأن يبحثوا قبل ذلك في جهوزية القوات البرية".
ويرى الخبير الأمني الدكتور إبراهيم حبيب، أن هذه العملية ستدق ناقوس الخطر لدى الاحتلال، لاسيما وأنه كان يعتقد أن هذه الجبهة هادئة رغم طول حدودها وتعقد ديمغرافيتها، في ظل منظومة السيطرة والتحكم التي تساعده في تقليل عدد العناصر البشرية هناك.
ويوضح حبيب في حديثه (للرسالة) أن العملية بدأت تغير في الموازين وستدفع الاحتلال لرفد المنطقة بالمزيد من الكتائب العسكرية مما سيشكل عامل إرهاق للجيش والمنظومة الأمنية التي تعاني من حالة انشغال في جبهة غزة التي توجد على حدودها فرقة غزة المتكونة من قرابة 20 ألف جندي وهي على بعد عدة عشرات من الكيلو مترات عن مكان العملية.
ويبين أن العملية تشي أن هناك بابا يمكن أن يفتح وبالتالي أصبحت تشكل ضغطا على المنظومة المتأهبة في الجنوب والشمال ومناطق الضفة لتضاف لها منطقة جديدة في ظل القلق المتزايد من تكرار هذه الحادثة.
ويشير إلى أن العملية ستشكل تغيرا في التعاون الأمني لدى الاحتلال والجانب المصري وسيحاول الطرفان ضبط الحدود قدر الإمكان.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أيمن الرفاتي، أن العملية شكلت خيبة لجيش الاحتلال الذي كان يعتقد أن حدوده مع مصر والأردن خلال العقود الماضية آمنة، لكنها جاءت لتؤكد أن الأوضاع قد تختلف خلال الفترة القادمة.
ويضيف الرفاتي في حديثه (للرسالة) أن منظومة الاحتلال التي فضحت هذه العملية عجزها ترى أن الخطر الأكبر يتمثل في إمكانية أن تشكل هذه العملية حافزا لآخرين، مما سيغير طريقة التعامل مع هذه الجبهة.
ويوضح أن جيش الاحتلال كان يستهين خلال الفترة الماضية في تأمين تلك الحدود عبر نشر وحدات عسكرية من الجيش تسمى (قطط الصحراء) وهي وحدات من المجندات تم نشرها على أساس أن تلك المنطقة ليست محل اشتباك وهادئة.
ويؤكد أن ما حدث على الحدود يحمل تطورات مفاجئة للجميع ودلالات واضحة على المزاج الشعبي العربي يرفض التطبيع مع الاحتلال في ظل تجاوز الأخير لكل الخطوط الحمراء مع الشعب الفلسطيني وممارسة الحرب الدينية ومحاولة تغيير الواقع في المسجد الأقصى.
ويبين الرفاتي أن هناك خشية لدى الاحتلال من أن يسود اعتقاد لدى الشعوب في المنطقة من أن جيش الاحتلال ضعيف ويمكن تنفيذ عمليات ضده واختراق الحدود، مما يدفع لمزيد من التوتر في مناطق جديدة غير متوقعة.