رغم تشكيل لجان شعبية للحد من جرائم القتل في الداخل المحتل، إلا أن الاعداد لا تزال في تصاعد، فمنذ بداية العام الجاري ارتفعت حصيلة القتلى إلى 96 قتيلا .
والمثير في الأمر أن مدن الداخل المحتل شهدت 3 جرائم خلال ساعة واحدة، حيث أن ما يساعد على انتشارها هو تواطؤ أجهزة الأمن (الإسرائيلية) مع منظمات الإجرام، فباتت جرائم القتل وإطلاق النار أمرا عاديا وسط الشوارع.
وعن عمد، تتقاعس الشرطة (الإسرائيلية) عن ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم بل تتغاضى عن حيازتهم للأسلحة دون ترخيص، مما جعل جرائم القتل أمرا معتادا خلال السنوات الأخيرة.
ويأتي ذلك وسط شعور المجرمين بإمكانية الإفلات من العقاب، حيث يعتقد منفذو إطلاق النار أن كل شيء مباح بالنسبة لهم، علما بأن معظم الجرائم مرتبطة بالعمل في الربا والسوق السوداء وتصفية الحسابات بين عصابات الإجرام.
يذكر أن حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني بلغت نهاية عام 2022، 109 قتلى بينهم 12 امرأة، بينما في عام 2021، ارتكبت أكثر من 111 جريمة قتل في حصيلة قياسية غير مسبوقة.
كما أن غالبية هذه الجرائم ارتكبت باستخدام أسلحة نارية تنتشر بكثافة في الداخل المحتل، وتفيد تقديرات بأن قرابة نصف مليون قطعة سلاح تنتشر بين فلسطينيي الداخل، بتخطيط (إسرائيلي).
غياب القيادات السياسية والاجتماعية
يقول الصحفي المقدسي عنان نجيب إن المتسبب الرئيس بحالة العنف بالداخل المحتل هو الاحتلال، موضحا أن الاحتلال يعلم من يتاجر بالأسلحة ومن يملكها لكنه لا يحرك ساكنا لمنعهم أو الحد منها رغم ما يملكه من قدرات في سبيل ذلك.
ويوضح نجيب (للرسالة نت) أن الاحتلال يرى العرب عبارة عن أعداء ودماؤهم رخيصة لهذا يغض الطرف عن جرائم العنف تحت شعار "العربي الجيد هو العربي الميت".
ولفت إلى أن ما يعيشه الفلسطيني بالداخل المحتل من تهميش وفقر وبطالة وضائقة بالسكن وتراجع بالغايات السياسية النبيلة والتكتل على أساسها يساهم ويعزز تفشي حالات القتل اليومية.
وأما عن سبب الفشل في الحد من هذه الظاهرة رغم المبادرات الوطنية الكثيرة فأرجعه إلى غياب القيادات السياسية والاجتماعية، مشيرا إلى أن الأطر السياسية والفكرية والعشائرية بالداخل المحتل أكلتها سوسة الصدأ فكل منهم منكب لتحصيل امتيازات وأطماع شخصية وفئوية على حساب الفلسطيني المغلوب على أمره.
وتساءل: "ماذا لو هدد أعضاء الكنيست العرب بالاستقالة من كنيست الاحتلال بحال لم يوضع حد لهذا العنف؟
ويعتقد أنه في حال حدث ما سبق فإن ظهر الاحتلال سيكون مكشوفا أمام المجتمع الدولي والناس، حينها لن يجد طريقة لاستعادة الوجه المزور له إلا بالتحرك للقضاء على الجريمة.
ويؤكد أنه في حال استقالة لجنة المتابعة العربية بالداخل المحتل سيشكل ذلك ضغطا على الاحتلال.
وفي ذات السياق يقول المحلل السياسي عصمت منصور إن هناك أجواء من التحريض ضد الفلسطينيين سواء في الداخل المحتل أو الضفة الغربية، حيث أعطى نواب الحكومة المتطرفة الضوء الأخضر لقتلهم دون محاسبة للقاتل.
وذكر منصور (للرسالة نت) أن كل عمليات القتل التي حدثت سواء على خلفية مواجهات أو إعدامات على الحواجز لم يتم فيها محاسبة أحد لذا استسهلوا تلك الجرائم لعدم سحب السلاح منهم.
وأشار إلى أن ارتفاع جرائم القتل واستهداف الفلسطينيين يجعل حياتهم مهددة بكل وقت، لافتا إلى أن كثرة الجرائم تعتبر تهديدا حقيقيا ولا بد من مواجهته بتشكيل أدوات ولجان حماية لإثارة وضبط هذه القضية سياسيا وقانونيا وفضح هذه الجرائم كون (إسرائيل) لا تحاسب عليها.
ووفق المتابعة، فإن ارتفاع معدل الجريمة في الداخل المحتل ارتفع بعد هبة الكرامة مايو 2021، حيث قرر الاحتلال تفتيت هذا المجتمع عبر الأسلحة، ونشر فكرة الاقتتال الداخلي، وفي إثر ذلك امتلك العديد من الفلسطينيين السلاح وتشكلت المنظمات الإجرامية المسلحة.
ولأن جرائم القتل ترتفع وتيرتها بشكل مخيف، فإن ذلك يستوجب وقفة جادة من القيادات السياسية والشعبية الفلسطينية لإسقاط مخططات الاحتلال للقضاء على تلك الظاهرة التي تشوه تركيبة المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل، بالإضافة إلى الاستجابة لدعوة الشيخ رائد صلاح التي تنادي أهل الداخل بالانضمام إلى لجان إفشاء السلام التي أنشاها قبل عام عقب تفشي جرائم القتل التي كان بعض ضحاياها من مرابطي المسجد الأقصى.