أكدّت قوى وشخصيات فلسطينية، أنّ ثورة البراق التي اندلعت عام 1929، وإعدام سلطات الاحتلال لثلاثة من قادتها (عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي) في مثل هذه الأيام من عام 1930، دليل واضح وشاهد على تمسك الشعب الفلسطيني بمقدساته وأرضه.
وانطلقت الثورة رفضا لسطو العصابات اليهودية على حائط البراق، وتأكيدا على إسلاميته وعروبته.
وعدّت شخصيات في حديث خاص بـ"الرسالة نت"، تعليقا على ذكرى استشهاد القادة، أنّ هذه الثورة، تعبير عن تجذر المقاومة الفلسطينية والثورات الممتدة، التي انطلقت لأجل القدس ولا تزال متواصلة حتى يومنا هذا، مع تقدم كبير في المواجهة لصالح شعبنا ونجاح مقاومته في نسف هيبة الاحتلال عبر جولات من المواجهات والحروب التي سجلّت فيها المقاومة انتصارات عليه.
أول ثورة وأكبر حافز!
بدوره، أكدّ السفير الفلسطيني السابق د. ربحي حلوم، أنّ ثورة البراق، كشفت عوار الاستعمار العالمي، الذي سجلّ أول ضوء أخضر بريطاني لليهود، لتملُّك الحائط الغربي للمسجد الأقصى المسمى بحائط البراق، فهبت الجماهير الفلسطينية عن بكرة ابيها انتقاضاً في وجهه يوم ١٥ أغسطس ١٩٢٩، حيث بلغت الثورة ذروتها يوم 23 أغسطس لنفس العام.
التجمع الوطني المسيحي: الثورة نبهت الوعي الوطني والعربي لمخاطر الاستعمار التوسعي للاحتلال
وقال حلوم لـ"الرسالة نت"، إنّ ثورة البراق تكشف حجم التآمر الكبير على القدس منذ وقت بعيد، فبلفور أصدر إعلانه المشؤوم للحركة الصهيونية عام 1917، وعمدت بريطانيا إلى تغيير معالم القدس تنفيذاً للإعلان المذكور.
وأوضح أن الثورة كانت أول انتفاضة فلسطينية عارمةٍ ضد بريطانيا والحركة الصهيونية معا(..) مُشكّلةً حافزاً لمعظم الشعوب الجاثمة تحت سطوة الدول الاستعمارية آنذاك، للسير على نهجها وصولاً إلى حريتها واستقلالها، بدءاً من الثورة الجزائرية فالفيتنامية فالكوبية فالنيكاراغوية وغيرها.
ترسيخ المواجهة
من جهته، قال د. عماد محسن المتحدث باسم التيار الإصلاحي الديمقراطي بحركة فتح، إنّ ثورة البراق رسخت المواجهة الفلسطينية لسياسات الاحتلال البريطاني الذي بدأ عام 1917، متزامنا مع وعد بلفور وأهدافه في إنشاء وطن مع الكيان.
وأوضح محسن لـ"الرسالة نت"، أن ذروة فعل الشعب الخلاق، كانت مع هذه الثورة، التي أكدت حق الشعب الفلسطيني في أرضه كاملة، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك في باحات الحرم وخارجه.
السفير الفلسطيني السابق د. ربحي حلوم: الثورة شكلّت الهاما وحافزا للشعوب بالانتفاضة
وبيّن أن هذا الغضب قابلته بريطانيا باطلاق الرصاص الحي الذي أدّى لاستشهاد المئات، ثم نقلت من اعتقلتهم من المنتفضين لمعتقلاتها ثم أصدرت أحكام الإعدام الجائرة وغيرها من أحكام المؤبدات والسجن لسنوات طويلة.
ولفت محسن إلى أنّ جريمة اعدام القادة هي مستمرة ولم تسقط بالتزامن رغم العقود التي مرت على المآسي التي تسببت فيها بريطانيا ضد أبناء شعبنا، وعلى رأسها اطلاق يد العصابات اليهودية في ارتكاب المذابح وصولا للنكبة عام 1948م.
جزء من مشروع عالمي!
من جانبه ، قال د. محسن أبو رمضان رئيس الهيئة الوطنية لدعم وإسناد أهلنا بالداخل المحتل، إنّ بريطانيا ارتكبت خطئا تاريخيا بحق الشعب الفلسطيني، من خلال وعد بلفور المشؤوم الذي منح فيه من لا يملك الأرض لمن لا يستحق.
وأوضح أبو رمضان لـ"الرسالة نت" أنّ بريطانيا شجعت العصابات اليهودية المتطرفة، بالادعاء أن ملكية الأقصى وحائط البراق تعود لليهود، وهو ادعاء باطل شجّع العصابات اليهودية على اقتحام حائط البراق، ومن ثم أدّت لاندلاع ثورة البراق، وعلى إثرها أعدمت بريطانيا هؤلاء الأبطال.
وأضاف: "بريطانيا أخلّت بالصلاحيات الموكلة لها من عصبة الأمم، التي تشكلت قبل الأمم المتحدة قبل الحرب العالمية الأولى، إذ يعني الانتداب نقل صلاحيات الاستقلال للشعب الذي يخضع للاحتلال؛ لكنها منحتها للعصابات اليهودية التي مولتها وسلحتها ودربتها؛ للقيام بمجازرها ومشروعها الاستعماري على حساب شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة".
الهيئة الوطنية لدعم الداخل المحتل: المشروع الصهيوني جزء لا يتجزأ من مشروع استعماري عالمي
وذكر أبو رمضان أنّ دولة لليهود يعني شق الوطن العربي شرقا وغربا، ورأس جسر لبريطانيا لتأمين مصالحها تحديدا في الهند التي صنفّت بدرة تاج المشروع البريطاني.
وأكد أن المشروع الصهيوني جزء لا يتجزأ من مشروع استعماري عالمي.
أطماع مستحدثة!
وقال ديمتري دلياني رئيس التجمع الوطني المسيحي، إنّ ثورة البراق تعدّ حدثا هاما في تاريخ الصراع الذي اقحمت فيه الحركة الصهيونية المقدسات؛ للسيطرة عليها.
وأوضح دلياني لـ"الرسالة نت" أن الثورة كانت بمنزلة نقطة تحول، خاصة فيما يتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبت بحق شعبنا.
وذكر أنّ هذه الثورة نشأت نتيجة الأطماع الصهيونية تجاه المقدسات الدينية، وما مثلته من تهديدات واضحة لها، ومحاولة هذه الحركة إنشاء حقائق تاريخية مستحدثة ومزورة، تربط الحركة الصهيونية ومبادئها بشواهد في القدس يمكن من خلالها تبرير أطماعها السياسية في فلسطين.
وبيّن دلياني أنّ أساس المواجهات تمثلت بقتل العصابات اليهودية لـ4 فلسطينيين، ثم انحازت السلطات البريطانية بشكل كامل للعصابات اليهودية كما أثبتت التحقيقات الدولية حول هذه الجرائم.
وأكد أنّ ثورة البراق عززت من قيم الفهم الوطني، والعربي أيضا لمخاطر مشروع التوسع الاستعماري الصهيوني، وساهمت أحداثها في صناعة مؤسسات لا تزال حاضرة لليوم من قبيل الهلال الأحمر الفلسطيني.