خبراء يتحدثون (للرسالة): كيف أبدعت المقاومة بجنين؟

الرسالة نت – محمود هنية

كعادتها لم تكن إلّا استثنائية، في حضورها لم تكن إلّا فاعلة، هذه جنين بمقاومتها التي نجحت في تحقيق اختراق استثنائي بمواجهة الاحتلال وآلياته، في اجتياح دفع إليه جيشا بكامل أجهزته وأسلحته، لينقضّ على نصف كم!

حضورها الاستثنائي تمثل وفق مراقبين عسكريين، في إبداعات إدارة الميدان ونظم مسرح الأحداث على نحو رسمت فيه الفعل وامتصت ردة الفعل، ونجحت فيه بإدارة العملية بدءًا من الاستخبارات مرورًا بإدارة الكمائن، وليس انتهاءً بالتحكم بحجم النيران.

ويقول الخبير العسكري الدكتور محمد لافي، إن جنينّ لم تنقطع عن تاريخها في إدارة المواجهة من حيث المبدأ بما شكلته من مخزون ثوري للضفة المحتلة، وإبداع في استحداث أدوات المقاومة رغم إمكانياتها المتواضعة وحصارها المطبق.

ثمة شبه كبير بينها وبين غزة في إدارة المقاومة من حيث التشكيلات والبنية التحتية التي تحاول أن تحاكي القطاع، ما تعني أن الأخير نجح في تصدير تجربته ولو بشكلها البسيط، يضيف لافي.

وهنا يؤكد لـ(الرسالة نت) أنّ الاحتلال قبل أن يبدأ فشل في تحقيق الهدف الأول المتمثل في الإطباق الناري المحكم بأقل وقت ممكن، واستمرت النيران لأكثر من 24 ساعة، كما أنّ البنية التحتية لم تكن واضحة المعالم للاحتلال الذي يحاول حثيثا صناعة بنك أهداف في المخيم.

واصل الاحتلال فشله في التقدم الحاسم، رغم قيادة المعركة من رئيس أركان الاحتلال هاليفي، بما يمثله من أعلى قوة ورتبة في جيش الاحتلال بدعم القوة السياسية للكيان.

أمّا القدرة العملياتية، فإن المقاومة أثبتت قدرة على إدارة الجهد الاستخباري في فهم تحرك الاحتلال ودقته، وممارسة الخدعة العسكرية بإتقان عبر تمويه الاحتلال ودفعه لكمائن محكمة، ثم إدارة الكمائن في قدرة عالية على التحكم رغم امتلاك الاحتلال لأدوات متقدمة في محاولة لإفشالها.

خارج المألوف

الخبير العسكري اللبناني الدكتور أمين حطيط، يرصد من جهته، مجموعة متغيرات في مسرح عمليات المقاومة بجنين، مشيرا إلى أن الأكثر بروزا هو إدارة الفعل وليس ردة الفعل، فالمقاومة لم تنتظر الاجتياح لتصدّه، بل توقعته وعملت لمواجهته ضمن حالة تطويق وإطباق معا.

وذكر أن ما يجري يعد إجراء عملياتي متطور ولافت يضع حدا لفكرة العمل الفردي أو غير المخطط لدى المقاومة، ويعكس غرفة عملياتية قادرة على التنسيق وإدارة الميدان، والقول لحطيط.

يضيف حطيط لـ(الرسالة نت)، أنّ إدارة المقاومة للنار مثلّت تطورا لافتا، فمن جهةّ نجحت في الاستدراج، ثم التطويق، وصولا للإطباق، ومنها للاستنزاف، فاستمرار المواجهة لأكثر من 24 ساعة نتيجة لهذه القدرة العملياتية التي أظهرت اغراقا ناريا محسوبا في إدارة مسرح الميدان.

في المقابل، إرباك وعدم قدرة على السيطرة في الميدان، واستدعاء لسلاح الطيران، الذي يعكس بالضرورة فقدان القدرة على السيطرة والتحكم بمسرح العمليات، وهي تعبر عن خلل عملياتي أولا لدى الاحتلال وفشل كبير في أدائه العسكري، والثانية عن إخفاق وفشل استخباري أكبر بعدم القدرة على التنبؤ بمسار العملية.

وكان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بمخيم جنين ماهر الأخرس، قال في وقت سابق (للرسالة نت)، إن قوات الاحتلال وقعت في مجموعة كمائن محققة خلال اجتياحها للمخيم، في إشارة إلى إدارة ميدانية محكمة لمواجهة الاحتلال.

وأكدّ الأخرس أنّ الاحتلال استعان بعديد الآليات لتأمين الطرق، ويتفاجأ عند دخول حاملات الجنود بانفجارات وألغام، أوقعت إصابات محققة لدى الجنود، ما يشير إلى تخطيط محكم للمقاومة في هذه المواجهة.

وأوضح أن الاحتلال لم يصل لمركز المخيم، في ظل حقول الألغام التي أحيطت به، مشيرا إلى أنه حاصر منزلا يتواجد فيه بعض المقاومين، وتفاجأ بوقوعه في كمين محكم.

وذكر الأخرس أن الاحتلال يعمل على جسّ نبض قدرة المقاومة وما تملكه من إمكانات.

البث المباشر