للوهلة الأولى من يشاهد الصور والفيديوهات التي تصل من مخيم جنين، يظن أنها في غزة لتشابه الدمار وصوت القصف والزنانات في سماء المخيم، حتى شكل النساء وهن يرتدين ملابس الصلاة ويمسكن بأطفالهن عند الخروج من بيوتهم التي هدد الاحتلال بقصفها.
دمار ودخان في كل شوارع وأزقة المخيم، فتلك علامة على وجود المقاومين الشباب في المكان، فما يفعله المحتل هو ردة فعل تجاه جيل جديد لا يفهم لغة التفاوض بل المقاومة حتى قهر المحتل.
بين صوت سيارات الإسعاف ووسط الرصاص، يحاول جيش من الصحفيين الدخول والتغطية والتصوير حتى لو كلفهم ذلك حياتهم.
لم يكن سهلا على الصحفيين دخول مخيم جنين، رغم اعتيادهم على تغطية الأحداث الساخنة، فهذه المرة كانوا في دائرة الاستهداف الأولى كما المقاومين، ومع ذلك تسللوا إلى أزقة المخيم وهم يحملون أرواحهم على أكفهم ويدركون مصيرهم إما الشهادة كما جرى قبل عامين مع الإعلامية شيرين أبو عاقلة، أو الإصابة أو الاعتقال.
منذ اليوم الأول لعدوان جنين كتب عميد شحادة مراسل قناة العربي: "قوات الاحتلال استهدفتنا بشكل مباشر، أكثر من ست رصاصات أصابت الكاميرا وجهاز البث (..) حرقوا كاميرتنا بالرصاص الحي".
وأضاف عبر صفحته على الفيسبوك: "أخرجتنا طواقم الهلال الأحمر من مخيم جنين بسيارة إسعاف بعد استهدافنا بالرصاص الحي من قناصة جيش الاحتلال الإرهابي، ومحاصرتنا داخل منزل لأكثر من ساعتين".
ووصف شحادة الأوضاع داخل المخيم بالمرعبة، حيث شاهد رجالا يضربون رؤوسهم بالجدران من شدة القهر لأنهم لا يملكون ما يدافعون به عن عائلاتهم وأطفالهم، مشيرا إلى أن داخل المخيم رعب حقيقي فالنساء في وصلة بكاء لا تنقطع، ورصاص جيش الاحتلال في كل مكان.
وذكر المراسل الصحفي أنه شعر بغصة حين غادر مخيم جنين رغما عنه بعد تفجير كاميرتهم وجهاز البث بالرصاص، فقد خرج بسيارة إسعاف جاءت لإنقاذه وزملائه والعائلات خلفهم محاصرة بالموت.
في حين يتجهز المراسل الميداني محمود مطر للذهاب إلى مخيم جنين لتغطية الحدث هناك، يقول (للرسالة نت) إنه يعمل منذ اليوم الأول للأحداث ضمن حملة تبرعات شعبية لأهالي جنين، مشيرا إلى أن الحدث في المخيم ليس عاديا فهو يشبه تماما ما يجري في قطاع غزة وقت العدوان حيث الطيران الحربي الذي يستهدف المنازل والطواقم الصحفية والطبية والإنسانية دون تمييز.
وذكر مطر أن هناك حملة استهداف من الاحتلال ضد صحفيي الضفة ومن يغطي أحداث جنين، حيث يجري استهدافهم بالرصاص المباشر سواء على أجسادهم أو كاميراتهم التي تم حرقها بالرصاص.
ولفت إلى أن استهداف الصحفيين في جنين يعيد إلى الأذهان ما حدث مع شيرين أبو عاقلة في مايو 2022 وهي على أحد مداخل مخيم جنين حين قنصها جندي (إسرائيلي) بشكل عمد، مؤكدا أن الاحتلال يتجاوز كل الخطوط الحمراء مع الصحفيين عند تغطيتهم للأحداث ومع ذلك يصرون على مواصلة نقل الحدث وفضح تلك الانتهاكات.
ويقول مطر، إنه قبل نزوله لتغطية الحدث في مخيم جنين فكر أكثر مرة ويتوقع أن يكون الضحية التالية خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدت استهداف الصحفيين عن عمد، لافتا إلى أن صحفيي جنين يعيشون تجربة صحفيي غزة وقت العدوان تماما خاصة وأن الأحداث لم يعتادوا عليها كالطيران الحربي الذي غاب عن مدن الضفة منذ حوالي عقد ونصف.
وذكر أن صحفيي جنين بشكل خاص كما زملائهم في الضفة لا يمتلكون أدوتهم الوقائية من خوذة ودرع، ماعدا العاملين في الوكالات الأجنبية التي توفر لهم كل معدات السلامة، مؤكدا أن هناك قصور من الجهات المعنية وخاصة نقابة الصحفيين التي تتجاهل تقديم تدريبات للتعامل في مثل هذه الظروف.