قال يوسف منير، وهو زميل أول في "المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW)، إن عملية جيش الاحتلال (الإسرائيلي) الأخيرة في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة أظهرت أن المقاومة الفلسطينية باتت تواجه (إسرائيل) بـ"تكتيكات حرب العصابات".
وبزعم ملاحقة مطلوبين، أطلقت (إسرائيل) في 26 يونيو/ حزيران الماضي عملية عسكرية استمرت نحو 48 ساعة في جنين ومخيمها، مستخدمةً مروحيات وطائرات مسيرة وقوات برية، ما أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيا وإصابة نحو 120 آخرين، بالإضافة إلى مقتل ضابط (إسرائيلي) في كمين خلال أكبر عملية (إسرائيلية) في جنين منذ أكثر من 20 عاما.
وأضاف منير في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن "جيش الاحتلال (الإسرائيلي) يزعم أنه ألقى القبض على العديد من المقاتلين الفلسطينيين، لكن أقل بكثير من الأعداد التي قال إنها كانت في المخيم، كما يزعم أنه صادر عبوات ناسفة وكاميرات أمنية واكتشف أنفاقا. وقبل انتهاء العملية، نفذ فلسطيني من الخليل هجوما في تل أبيب أصيب فيه ثمانية (إسرائيليين) بجروح، وأُطلقت مجموعة من الصواريخ من غزة باتجاه مستوطنات (إسرائيلية)".
وتساءل: "عند شن غارات مستقبلية في جنين هل ستكون لدى جيش الاحتلال (الإسرائيلي) حرية العمل نفسها التي كان يعتبرها مقبولة قبل يونيو/ حزيران الماضي أم أنه سيستمر في مواجهة الكمائن والمتفجرات التي يمكن أن تقتل الجنود (الإسرائيليين)؟.. سيوفر الوقت إجابة، لكن من المرجح أن تسير المركبات العسكرية (الإسرائيلية) بمستوى مختلف من الحذر في شوارع جنين".
وأردف: "مهما كانت الغارة القادمة، فليس هناك شك في أن ديناميكيات ساحة المعركة قد تغيرت، فلم يعد جيش الاحتلال (الإسرائيلي) يواجه فقط مقاتلي المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية في بيئة حرب حضرية، ولكنه يواجه الآن بشكل متزايد تكتيكات حرب العصابات مثل استخدام الأنفاق والعبوات الناسفة".
"كما أظهر المسلحون الفلسطينيون في غزة أنه حتى وإن دمر جيش الاحتلال هذه الأدوات فإنه يمكن إعادة بنائها وتطويرها بمرور الوقت لتوسيع نطاق وصولها وقدرتها التدميرية"، بحسب منير.
ولفت إلى أنه "على عكس قطاع غزة الأبعد، تقع جنين على مسافة 40 كم تقريبا من تل أبيب، وتبني جنين المتزايد من تكتيكات حرب العصابات يمكن أن يكون بمثابة نموذج للمدن الفلسطينية الأخرى في جميع أنحاء الضفة الغربية".
زيادة المقاومة
"وصف العديد من المحللين (الإسرائيليين) العملية العسكرية في جنين بأنها صيانة، وتشبه إلى حد كبير عبارة جز العشب، التي تُستخدم غالبا لوصف الهجمات (الإسرائيلية) الدورية على غزة" وفقا لمنير.
وتابع: "ربما توجد جنين الآن على جدول الصيانة للجيش، لكن كما شهدنا في السنوات الأخيرة يبدو أن الوقت بين العمليات (الإسرائيلية) في جنين أصبح أقصر وأن مستوى القوة المستخدمة يزداد فقط".
وشدد على أنه "مع تصعيد الحكومة (الإسرائيلية) اليمينية للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، ومع قيام المستوطنين (الإسرائيليين) بإرهاب الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم، ليس هناك شك في أن السياسة (الإسرائيلية) ستؤدي إلى تصعيد الصراع مع الشعب الفلسطيني ومقاومته".
واستطرد: "وفي الوقت نفسه، ما زالت سيطرة السلطة الفلسطينية تظهر بوادر تدهور، والمسرح مهيأ لزيادة مطردة في المقاومة الفلسطينية المسلحة، إلى جانب تبني تكتيكات متطورة تشكل تحديات جديدة لجيش الاحتلال"،
و"في المقابل، سيستمر صانعو السياسة (الإسرائيليون) في التطلع إلى إجراءات أكثر تشددا مثل المداهمات واسعة النطاق والإغلاقات والحصار حول مركز المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية"، بحسب منير.
وأفاد بأن "مخيم يقع جنين بالقرب من مدينة جنين، ويبلغ عدد سكانه نحو 24 ألفا، وموقعه على مسافة قصيرة نسبيا من خط 1967، حوالي 5 كيلومترات، يعني أن نشاط المقاومة الفلسطينية هناك جذب انتباها إضافيا من جيش الاحتلال (الإسرائيلي)".
وأضاف أنه "على الرغم من أن الاعتداءات على المخيم تتم بشكل منتظم لسحق المقاومة، إلا أن الغزو الشامل (الأخير) شهد ارتقاء مشاركة جيش الاحتلال في المخيم إلى مستوى جديد أثار مقارنات بهجومه على مدن فلسطينية عام 2002".