قائمة الموقع

مقال: هل تعي سلطة رام الله درس التغيير العربي؟!

2011-02-14T07:19:00+02:00

مؤمن بسيسو

أجزم أن أحدا، أيا كانت كفاءته التحليلية والتقديرية، لم يكن يتوقع الزلزال المصري الذي هزّ عروش وممالك المنطقة العربية بأسرها.

من سخريات الأحداث أن الرئيس المصري المخلوع بدا واثقا للغاية عقب سقوط "بن علي" في تونس، وأكد لمحدثيه من المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين في غير مرّة أن مصر ليست كتونس، وأن النظام المصري ليس كالتونسي، وأن مصر تملك حصانة أكيدة ضد عناصر التداعي والسقوط!

ما جرى في مصر أذهل العالم بأسره، وها هو "مبارك" يحصد جزاء ما قدمت يداه بحق شعبه الذي ذاق مرارة الظلم والقهر والاستبداد عقودا من الزمن.

هل تعي سلطة رام الله الدرس الأكبر الذي بدّد نظاما قمعيا بوليسيا إرهابيا، شديد القوة والبطش والجبروت، بين عشية وضحاها؟!

لقد جثم النظام المصري على قلوب ونفوس وحياة المصريين ثلاثة عقود ذاقوا خلالها كل أشكال الألم وصنوف المعاناة، حتى اعتقد النظام أن مصر قد دانت لسطوته واستكانت لهيمنته وباتت طوع قِياده في كل شيء.

في ساعات معدودات زال الخوف الكامن في نفوس الناس دفعة واحدة، وتحرر الناس من عقدة بطش النظام التي ملكتهم دهرا، واندفعت جحافل التغيير إلى ميادين الثورة غير آبهة بعناصر الشرطة والأمن المركزي (التي قدّرت بمليوني عنصر) التي رفعت في وجهها السلاح، حتى ملكت ناصية الموقف، ورسخت أقدامها في مواجهة أدوات ورعاع النظام، لتصنع للأمة فجرا مجيدا وتعيد لها مجدا تليدا عزّ انتظاره عبر سنوات الذلّ والتبعية والخنوع لإسرائيل وأمريكا وحلف الشرّ والتسوية الآثم الذي سحق إرادة الشعوب في الحرية والكرامة والتحرير.

هل تعتقد سلطة رام الله أنها تقف بمنأى عن طوفان التغيير الذي يجتاح المنطقة العربية حاليا؟

صحيح أن للحالة الفلسطينية خصوصية مميزة تباعد بينها وبين الاستنساخ الآلي لتجربة التغيير العربية، إلا أن ذلك لا يعني انتفاء إمكانية الاندفاع نحو تغيير الوضع القائم تحت صور وأشكال أخرى.

الحراك الشعبي المنضبط في إطار تحشيد الموقف الشعبي الوطني ضد نهج وممارسات السلطة يبقى خيارا مطروحا، كما إن تفعيل المقاومة في الضفة يبقى خيارا ماثلا وقادرا على تغيير الموازين وقلب المعادلة القائمة، كما إن الخيارين مطروحان أيضا معا بشكل متواز.

لا تعتقدنّ السلطة أن ظاهر الأمور والأحداث يبسط لها يد الأمن والاستقرار، فالأكمة لها ما وراءها، والجمر أشد ما يكون اشتعالا تحت الرماد، والنفوس تغلي وتمور تحت السطح ولا يشعر أحد بقوة غليانها إلا لحظة الحسم والانفجار.

هل غاب عن وعي وإدراك السلطة أن الناس تراقب ما يحدث في كل صغيرة وكبيرة، وأنها تدرك أن السلطة قد خانت الأمانة وفرطت بالحقوق والثوابت والمقدسات، وأن التعاون الأمني الذي بلغ أرقى درجاته مؤخرا هو خيانة صريحة وعمالة فجة ومباشرة مع الاحتلال دون أي رتوش؟!

ما حلمته الأنباء من إعلان السلطة عن انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية، وتغيير في الطواقم التفاوضية، يعبر عن حجم الإرباك الذي أصاب السلطة ومدى رعبها من تحديات التغيير العربية التي دفعتها إلى محاولات إحياء شرعيتها المتبددة بطرق معوجة وأساليب عقيمة.

عام 2011م هو عام الدروس الكبرى وعام التغيير العربي الشامل.. فهل تعي سلطة رام الله الدرس جيدا، وتفيء إلى رحاب الوحدة والمصالحة الحقة، وتؤوب إلى أحضان شعبها، أم تصر على معاندة القدر واجتراح المنكرات والموبقات، وتضع نفسها في مواجهة شعبها الذي ينتظر مبادراتها الإصلاحية على أحر من الجمر قبل أن يقول كلمته النهائية فيها؟!      

 

اخبار ذات صلة