اعتقلت عناصر تابعة لأمن السلطة برام الله الكاتب والباحث السياسي حسام أبو النصر عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب، على خلفية نشره لمقالات معارضة ينتقد فيها السلطة.
ويفتح اعتقال أبو النصر مجدداً ملف الاعتقال السياسي في الضفة الذي لم يتوقف منذ سنوات، بل ازدادت وتيرته خلال الأيام الماضية، حيث تقول مجموعة "محامون من أجل العدالة" إنها تابعت منذ بداية هذا العام ما يزيد على 300 ملف اعتقال سياسي في الضفة، بينها أكثر من 80 ملفاً في الأشهر الثلاثة الأخيرة، مشيرة إلى أن عشرات القرارات بالإفراج عن معتقلين صدرت عن المحاكم ولم تنفذ، واعتبرت ذلك إمعاناً في انتهاك وقمع الحريات العامة.
وهنا.. لا يمكنني فهم التناقض في سلوك محمود عباس؛ فبعد أيام من انعقاد اجتماع الأمناء العامين للفصائل والسعي من خلاله للوصول إلى اتفاق مصالحة؛ تشتد سطوة أجهزته الأمنية التي يرزح في أقبيتها المظلمة معتقلون سياسيون من طلاب جامعات، وناشطين، وصحفيين؛ يعيشون ظروفاً قاسية تحت التعذيب والإهانة!
باعتقادي أن الاعتقالات السياسية التي ازدادت شراستها بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية ترجع إلى عدة عوامل، الأول أنها تأتي بعد استمرار عمليات المقاومة المؤثرة التي أحدثت خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال ومستوطنيه؛ وكذلك التطور اللافت في أداء عناصر المقاومة وخاصةً في شمال الضفة؛ ونجاحها لأول مرة في إطلاق عدد من الصواريخ؛ وتفجير عبوات ناسفة شديدة الانفجار؛ وليس أخيراً استخدام سلاح الأنفاق، وقد ظهر ذلك جلياً خلال التصدي لقوات الاحتلال في جنين ومناطق أخرى في الضفة.
والعامل الثاني؛ أنه ومن خلال تتبع طبيعة الاعتقالات في الضفة يُلاحظ أن هناك استهداف واضح للعمل النقابي الطلابي، والذي يأتي بعد فوز الكتلة الإسلامية الجناح الطلابي لحماس في انتخابات مجالس الطلبة في أبرز جامعات الضفة هذا العام، وكذلك انخراط عدد من طلاب الجامعات في صفوف المقاومة، وكذلك تصدر المواجهات مع قوات الاحتلال.
أما الثالث؛ فهو رغبة السلطة في اسكات أي أصوات معارضة لها من الصحفيين والكُتّاب والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ خاصةً الذين يقومون بتغطية أخبار المقاومة ويشيدون بها؛ وأولئك الذين ينتقدون أداء السلطة ويعارضون سياساتها معبرين عن حقهم الطبيعي الذي كفله القانون، الأمر الذي تعتبره السلطة ازعاجاً وتنغيصاً بل وتهديداً لها.
وهنا أطالب؛ كما يطالب كل أحرار شعبنا المناضل، أن يتم معاملة هؤلاء كأبطال يحفظون كرامة الوطن ويدافعون عن مقدساته، لا إهانتهم وتعذيبهم وزجهم في السجون دون أي تهمة سوى مقاومة الاحتلال أو التحريض على مقاومته، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الاحتقان الداخلي ويهدد السلم المجتمعي، ولا أدلَّ على ذلك من الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بين أجهزة أمن السلطة وعناصر المقاومة في مخيم جنين احتجاجاً على استمرار اعتقال خالد العرعراوي (والد الجريح كمال وعم الشهيد مجدي)، وقبلها بأسابيع اندلاع مواجهات بين أهالي بلدة جبع وعناصر من أجهزة أمن السلطة على خلفية اعتقال المطاردين مراد ملايشة ومحمد براهمة، والتي أسفرت حينها عن حرق مركز شرطة يتبع للسلطة.
مقال: بين الدعوة للمصالحة واستمرار الاعتقال السياسي.. تناقض عجيب!
أحمد المغربي