تنديدا بتفشي جرائم القتل في الداخل المحتل لاسيما بعد تجاوز عدد ضحايا العنف 140 هذا العام، في حصيلة غير مسبوقة، انطلقت مسيرة الأموات الصامتة من وسط تل أبيب تحت عنوان "الجنازة" بمشاركة أهالي الضحايا وجهات مدنية وحقوقية.
وجاءت هذه المسيرة لإعلاء الصوت للحد من جرائم القتل في الداخل المحتل وتحويل قضيتهم إلى أهم القضايا في (إسرائيل) وبالتالي يتم الضغط على متخذي القرارات.
وبات فلسطينيو الداخل يخشون من العنف الذي يطال كل منزل وكل فرد في مجتمعهم على مدار الساعة.
وخلال الجنازة الصامتة ارتدى المشاركون في المسيرة أكفانًا بيضاء، بعدد ضحايا جرائم القتل منذ بدء العام الجاري والذين بلغ عددهم حتى كتابة التقرير 135 ضحية .
وكانت التوابيت تحمل قصة كل ضحية بكلمة واحدة، فكان تابوت يحمل عبارة "عروس" في إشارة إلى أن الضحية كانت تتجهز لفرحها لكن لم تتم مراسم الزفاف بسبب قتلها، وتابوت اخر حمل شعار "عيد ميلادي" مما يعني أن الضحية قتل يوم مولده، واخر "طلعت اتسحر"، وبجانبه" كنت عم اغسل سيارتي"، "كنت بشتري ملابس العيد"، مما يعني أن الضحايا لم يؤذوا أحد.
وأعرب المشاركون في المسيرة عن تضامنهم مع ذوي الضحايا، منددين بتواطؤ حكومة الاحتلال المتعمد مع عصابات الإجرام، من أجل الفتك بالفلسطينيين في الداخل.
يقول الكاتب السياسي أمير مخول وهو من الداخل المحتل، إن المسيرات التي انطلقت تنديدا بجرائم القتل ليست الأولى من نوعها، فمنذ سبع سنوات هناك العشرات من المسيرات التي خرجت مستنكرة بجرائم القتل وتطالب سلطات الاحتلال بالتدخل بشكل قانوني للحد منها.
وذكر مخول (للرسالة نت) أن مسيرة الأموات تتميز بأنها انطلقت من وسط تل أبيب مما تسبب في اغلاق الشوارع، مؤكدا أن فعالية أو مسيرة واحدة لا تكفي بل نحتاج إلى مشروع نضالي ونفس طويل.
وأوضح أن الفعاليات لابد أن تأخذ منحى اخر ولا تقتصر على الهتافات ورفع المطالب، بل إلى ضغط شعبي أكثر واغلاق طرق لدى الاحتلال من أجل الحراك الجاد.
وفي الوقت ذاته أشار مخول إلى أن الرأي العام (الإسرائيلي) غير مكترث حتى اللحظة بما يجرى من عنف وجرائم قتل في الداخل المحتل، مبينا أن فلسطيني الداخل يواجهون جريمتين الأولى من عصابات الاجرام والثانية من الاحتلال الذي يتضح أن شرطته متورطة في تسهيل السلاح للعصابات الاجرامية.
وأكد أن هناك حرب فتاكة ضد فلسطينيو الداخل، ولن تحل بسهولة كون من يمتلك السطوة في عالم الجريمة هو الاحتلال، لذا الفلسطينيون أمام معركة طويلة وبحاجة إلى تكاتف وطني للوقوف في وجه من يمول العنف والجريمة في الداخل المحتل.
عبر تويتر كتبت رنيم من الداخل المحتل:" مسيرة الاموات اليوم طلعت بالتوابيت والاكفان لعله صوتنا يوصل (..) لعلهم يفهموا انو احنا مش مجرد أرقام احنا ارواح بنروح واحد ورا الثاني بسبب الجريمة والعنف في وما في حدا محرك ساكن".
الدم الرخيص
ورغم محاولات قيادات سياسية واجتماعية وضع خطط وتنصيب لجان من أجل الحد من جرائم القتل، إلا أن الأمور تزداد تعقيدا بفعل التسهيلات التي يقدمها الاحتلال للشباب الفلسطيني في الداخل المحتل كحمل السلاح دون ترخيص، وذلك لتحقيق مآرب يسعى لها الشاباك (الإسرائيلي) والأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) تتمثل في إضعاف المجتمع في مدن وقرى الداخل عبر تغذية جرائم القتل وتسهيل تنفيذها.
كما ويتعمد جهاز الشاباك تزويد شباب الداخل المحتل بقطع السلاح، وذلك من خلال شهادات شرطية أفادت أن 40 ألف قطعة سلاح تستخدم في جرائم القتل ومعظمها سرب من قواعد الجيش (الإسرائيلي).
وفي ظل تصاعد وتفشي الجريمة في كيان العدو؛ وحسب معطيات رسمية (إسرائيلية) مصدرها شرطة الاحتلال نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" تحت عنوان (الدم الرخيص)، فإن حالات جرائم القتل في الداخل المحتل هي أكثر بـ 3 أضعاف مثيلتها في المجتمع (الإسرائيلي).
بالمقابل فإن حالات تقديم لوائح اتهام ضد المجرمين في الداخل المحتل هي أقل بـ 4 أضعاف من مثيلتها في مجتمع العدو.
فمنذ بداية العام 2022 تم الوصول إلى حل 75% من جرائم القتل لدى المحتلين اليهود، مقابل 19% فقط لدى فلسطينيي 48.