شرع الاحتلال (الإسرائيلي) الشهر الماضي بتوسعة ما أسماه نصبا تذكاريا في قلب حي الشيخ جراح شرق القدس ما يحوله إلى مشروع استيطاني جديد بدأ الاحتلال بتوسعته تدريجيا على حساب أراضي المواطنين.
وهكذا على تلة صغيرة تتوسط الحي الغربي وكرم الجاعوني في الشيخ جرّاح، سيواجه عشرات العائلات الفلسطينية خطر الإخلاء من منازلها لصالح مستوطنين (إسرائيليين).
سيؤدي توسيع النصب التذكاري إلى تحويل الموقع إلى مساحة للتجمعات والمناسبات (الإسرائيلية) العامة، وسيكون جزءاً من مشروع سياحي جديد بدأه المستوطنون يستهدف المنطقة الواقعة بين الشيخ جرّاح وباب العامود.
وبالأمس أعلن الاحتلال عن استعداده لافتتاح موقف للسيارات على أراضي الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، خلال الفترة القادمة. ويهدف موقف السيارات لخدمة المستوطنين واليهود في حي الشيخ جراح ومدينة القدس المحتلة، على حساب أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم، ضمن مخططات سلطات الاحتلال أسرلة الحي، من خلال احتلال البيوت والأراضي وتهجير سكانه.
يقول الدكتور عبدالرحيم غانم عضو هيئة تدريس – جامعة القدس المفتوحة في دراسة له عن تهويد حي الشيخ جراح في مدينة القدس أن الاحتلال يسير وفق خطة ممنهجة وشاملة لتهويد المدينة المقدسة يرتكز فيها على الاستيطان ومصادرة الأراضي وخاصة في المناطق العربية.
راسم عبيدات المختص بقضايا الاستيطان قال (للرسالة) إن هذه الأرض التي أعلن الاحتلال تحويلها لموقف سيارات خاص بالمستوطنين هي بالأصل قطعة أرض مساحتها أربع دونمات و700 متر، وهي ملك لعائلة عبيدات وعودة.
وأضاف:" صادرها الاحتلال منذ عامين وأخبر الأهالي أنه يريد إقامة حديقة عاملة تتبع الحي في تلك الأرض، ثم فوجئ الأهالي بموقف سيارات للمستوطنين".
هذا الموقف يتبع مستوطنة نحلات شمعون، وقبر أثري قديم كان يسميه الأهالي قبر الشيخ حجازي فبل أن يسيطر عليه الاحتلال ويضع فيه مزارا وهميا ويطلق عليه " قبر شمعون الأثري" ثم يأتي مستوطنوه للتبرك به.
ويشير عبيدات إلى أن الأرض الخاصة بالقبر أضيفت للمستوطنة، ثم أضيفت الأرض الخاصة بموقف السيارات وأصبحت جميعها تتبع المستوطنة، مايعني قضم تدريجي لأراضي الشيخ جراح.
ويضم حي الشيخ جراح مؤسسة إسعاف النشاشيبي بالإضافة إلى فنادق ومساجد ومراكز طبية قديمة وتاريخية، وكذلك القنصليات البريطانية والإيطالية، وهذا يجعل للحي بعدا تاريخيا أيضا لأنه من أقدم أحياء القدس.
زياد ابحيص المختص بقضايا القدس يطرح تفسيراً يبدأه بتساؤل "لماذا هذه الاستماتة على الشيخ جراح؟" ثم يشرح الأمر قائلاً: "البعد الجغرافي للشيخ جراح بالغ الأهمية فالحي يقف حائلاً ما بين الجامعة العبرية، ركيزة الاستيطان الصهيوني شرق مدينة القدس، وما بين المركز اليهودي المستحدث غربي القدس عقب عام 1948.
وهذا ما أكده عبيدات قائلا:" السيطرة على الشيخ جراح تعني وصل شمال القدس بجنوبها لذلك فإن الحملة الاستيطانية قوية ومركزة على الشيخ جراح في الأعوام الأخيرة "
ويبين ابحيص، أن الجامعة العبرية، تحاول الاتصال شرقاً بكتلة أدوميم الاستيطانية التي تأسست في 1968، لكن قرية العيساوية تقف شوكة على تلك الجبهة، وبتكامل الاثنتين تبقى المستوطنات عاجزة عن الالتحام معاً كنسيج مدني واحد رغم 54 عاماً من الاحتلال والتهجير والسيطرة العسكرية.
كما أن البعد السكاني كان سبباً آخر تحدث عنه ابحيص، لافتا إلى أن هذا المركز التاريخي الذي ما زال متماسكاً لمدينة القدس، تشكل نسبة أهل المدينة المقدسيين 94% منه ، فيما المستوطنون يشكلون 6% فقط، وهو ما يعني للاحتلال فشلاً ذريعاً في اختراق المركز التاريخي لمدينة القدس.