في ظل الأوضاع المتردية

"الجمعيات" حل سحري لتوفير متطلبات الغزيين

غزة- مها شهوان

لا يخلو بيت أو مكان عمل من الحديث عن الجمعية الادخارية فبدلا من أن يصبح الموعد المحدد للشراء وقضاء الاحتياجات هو الراتب ، بات يوم استلام الجمعية هو الموعد المقدس لشراء المستلزمات.

فالجمعيات الادخارية عادة شعبية قديمة تسري داخل المجتمع الفلسطيني لاسيما لدى أهالي قطاع غزة ،حيث يقبل عليها العديد من الشباب الذين هم بحاجة لسد بعض احتياجاتهم خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشونه .

فريضة الحج

استطاع الشاب رائد عيسى أن يدخر ثلاثة أرباع راتبه في الجمعيات ،فهو يحصل على مرتب شهري 800 دولار، موضحا بأنه في الفترة الحالية يجهز نفسه للارتباط وانه بحاجة لمصاريف كثيرة لتجهيز البيت من أثاث وبعض الأدوات الكهربائية.

وأضاف بأنه معتاد منذ صغره المشاركة بالجمعيات فقد اشترى دراجة هوائية وهو بعمر الـ 15 فلم يكن بمقدور والده ان يشتريها له في ذلك الوقت.

أما أماني عطية 25عاما التي ترى بأنه من يفترض ان يلتحق بالجمعيات الادخارية الأشخاص المبذرون والطموحون، مشيرة إلى ان المبذر لا يستطيع ان يمسك يده فلابد ان يستغل ما لديه من مال ليدخره ويستفيد منه لشراء ما ينقصه، بينما الأشخاص الطموحون يحبذون المشاركة بتلك الجمعيات لشراء أشياء يستفيدون منها أو ليبدؤوا بمشروع صغير".

في حين أبدت منال عبد الغني سعادتها لمشاركتها في جمعية ادخارية قائلة: "لم أكن أفكر من قبل بان أشترك بجمعية ادخارية، فكنت أفضل ان ادخر ما لدي من مال بنفسي بدلا من المشاركة في الجمعيات لكن اضطررت مؤخراً أن التحق بجمعية خاصة أنني أصبحت محتاجة للمال كثيرا فبدلا من صرف المال في ما هو غير ضروري استطيع توفيرها لشيء ضروري" .

وتضيف: الجمعية الادخارية تتشكل من مجموعة أفراد تكون ظروفهم المادية واحدة حيث يعينون واحدا منهم ليجمع المال من جميع المشاركين حسب المدة المتفق عليها ويأخذ كل واحد ما ادخره الجميع خلال المدة المتفق عليها حسب دوره.

أما الشاب الجامعي احمد عبد الهادي 22عاما يقول: "في السابق لم ترق لي فكرة الجمعيات خاصة حينما كنت اسمع من أصدقائي بأنهم شاركوا بمثل ذلك وحصلت لهم خلافات ومشاكل"، مشيرا إلى انه اضطر للالتحاق بالجمعيات حينما دخل الجامعة وذلك لان ظروف والده المادية لم تكن تسمح له بتوفير جميع مستلزماته الجامعية .

الحاج أبو احمد 56 عاما الذي يعاني من وضع اقتصادي مترد كان واضحا على معالم بيته يقول:" لولا الجمعيات الادخارية لما استطعت ان أحج لبيت الله الحرام ،وذلك أفضل من ان أضع ما لدي من مال في البنوك لما فيها من ربا "،مشيرا إلى أنه تمكن خلال سنتين من التحاقه بأكثر من جمعية تجميع رسوم أداء فريضة الحج.

ضعف الراتب

وفي هذا السياق ذكر الدكتور محمد مقداد أستاذ الاقتصاد في الجامعة الإسلامية في حديث  سابق بان الجمعيات الادخارية من أفضل الأفكار التعاونية بشرط أن تكون مجموعة المشاركين متجانسة ومتقاربة من حيث الدخل .

وأوضح مقداد بأنه في ظل الواقع الذي نعيشه فان هذه الجمعيات مناسبة لمجموعة من الموظفين ظروفهم الاقتصادية متقاربة تمكنهم من توفير مبلغ من المال تحقق لهم بعض الأهداف كشراء السلع المعمرة أو المستلزمات التي لا يستطيع شراءها من راتبه.

واعتبر تلك الجمعيات تغني عن الاقتراض ودفع الفائدة أو الشراء بالمرابحة ودفع نسبة زائدة ، مبينا ان هذه الجمعيات تأتي لتسد مثل هذه الحاجات وهي أيضا وسيلة جيدة للادخار.

وأضاف ان ما يدفع الناس للاتجاه إلى الجمعيات هو ضعف الراتب وارتفاع الأسعار ، إضافة إلى تعدد الاحتياجات المطلوبة للأفراد ،وصعوبة الاقتراض بين الناس ،لافتا إلى ان ذلك أمر جيد ومفيد وهو جزء من الاقتراض لأنه اقتراض متبادل بين المشاركين.

ودعا مقداد إلى إيجاد آلية تضمن عدم وجود مشاكل اجتماعية كالتهرب من الدفع،لافتا إلى ان هذه الجمعيات تساهم في الاستغناء عن نسبة كبيرة من القروض الربوية المحرمة.

 

البث المباشر