شهد العام 2023 تصاعد في تنفيذ العمليات الفدائية، ما وضع الاحتلال الصهيوني أمام معضلة حقيقية، لما لهذه العمليات من أثر كبير على تهشيم صورته وقوة ردعه، وقضم قدرته على تحقيق الأمن للمستوطنين الصهاينة، حيث بلغ عدد القتلى الصهاينة منذ بداية العام 32 قتيل، إن هذه العلميات تأتي كرد فعل طبيعي من الفلسطينيين على جرائم الاحتلال التي دائما ما تسبق العمليات الفدائية.
تبنت حركة المقاومة الإسلامية حماس العديد من العمليات الفدائية في تحدٍ واضح للعدو الصهيوني الذي يتهم الحركة بالتحريض على العمليات الفدائية، وكان من الملفت ما نقلته قناة الجزيرة عن أحد المصادر في حركة حماس أن منفذ عملية الخليل الأخيرة ينتمي للحركة، أتى التصريح عقب انتهاء اجتماع الكبينت الصهيوني والذي خرج بتهديدات عالية النبرة، كان لهذا التصريح العديد من الدلالات أهمها أن الحركة متيقظة وتعي توجهات العدو، وأنها مستعدة ولن تسمح بفرض معادلات جديدة.
بعد عمليتي حوارة والخليل الأخيرتين، عقد الكابينت الصهيوني اجتماعاً عاجلاً لمناقشة التعامل مع هذه الموجة من العمليات الآخذة بالتصاعد، وخرج بتهديد عالي النبرة حيث صرح مكتب رئيس الوزراء الصهيوني؛ (أن الكابينت اتخذ سلسلة من القرارات لمعاقبة المنفذين ومرسليهم، وتفويض رئيس الوزراء الصهيوني ووزير دفاعه باتخاذ أي قرار دون الرجوع للكابينت) بالإضافة للعديد من التسريبات التي خرجت في الإعلام العبري عن اغتيالات وإجراءات في السجون وعملية في الضفة وغيرها من التسريبات.
طرح عدد من المحللين السياسيين، والمختصين بالشأن العبري مجموعة من التوقعات لما يمكن أن يقدم عليه العدو أبرزها (عملية واسعة في الضفة الغربية، تنفيذ عمليات اغتيال في قطاع غزة، أو خارج القطاع، تنفيذ عملية اغتيال صامتة دون ترك بصمات) واختلفوا في ترجيح أحد السيناريوهات.
لكن من وجهة نظري أن الموقف الأقرب هو (تنفيذ العدو عملية اغتيال داخل قطاع غزة) وذلك للاعتبارات التالية/
العدو أخذ إجراءات علنية وقام بتهيئة الرأي العام الصهيوني لعمل ما من خلال الضخ الإعلامي، فهو بحاجة لعمل يعيد له قوة ردعه ويعيد ترتيب أولويات الجمهور الصهيوني نحو القضايا الأمنية، هذا يضعف من احتمالية تنفيذ علمية اغتيال صامتة.
صعوبة استهداف البنى التنظيمية في الضفة الغربية، حيث أن أعمال المقاومة في الضفة غير مبنية على بنى تنظيمية واضحة للعدو، مما يصعب على العدو استهدافها، بالإضافة إلى أن العديد من العمليات يغلب عليها الطابع الفردي ويقتصر دور البنى التنظيمية في خلق البيئة المحفزة، وتقديم بعض الدعم بصورة غير مباشرة.
قطاع غزة أصبح في عقول المجتمع الصهيوني (أمر واقع لا يمكن القضاء عليه)، لذلك فإن توجيه ضربة مباغتة في قطاع غزة يعتبره الجمهور الصهيوني إنجاز للحكومة الصهيونية وهو ما يظهر في استطلاعات الرأي الصهيونية.
بناءً على ما سبق وجب على المقاومة في غزة أخذ أقصى درجات الحذر لتفويت الفرصة على العدو ومنعه من كسب عنصر المفاجئة والمبادرة، ولمنعه من تحقيق صورة نصر وهمية، بل أعتقد أن المقاومة قد تبادر في توجيه ضربات استباقية للعدو.