خلال أقل من 48 ساعة، حلّ الشيخ صالح العاروري –نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس- ضيفا في حوارين خاصين على قناتي الأقصى الفلسطينية والميادين اللبنانية. هذه الحوارات التي تأتي في فترة حساسة يتداول فيها اسم الرجل -كما جاء في القناة 13 الإسرائيلية- ضمن جملة التهديدات بالاغتيال التي يلوّح بها قادة الكيان والتي تهدف إلى الحدّ من وتيرة العمل المقاوم في الضفة الغربية وتحقيق حالة من الهدوء الغائب بفعل العمليات الجهادية. لذا كان من الأهمية بمكان تسليط الضوء على فحوى ما جاء في حوار الشيخ العاروري، وتتمثل هذه الإضاءات فيما يلي:
1. إنّ سياسة الاغتيال التي يتبعها الكيان الصهيوني ليست غريبة على سلوكه الفاشي المتغطرس، ولا يمكن النظر إليها في حدود الاستهدافات الشخصية وإنما هي محاولة لاغتيال المشروع المقاوم الذي يمثله كلّ أبناء الشعب الفلسطيني الغيورين على الأرض والمقدسات. وعليه أكّد الشيخ على تشوّفه للشهادة ونابت عنه القناة 13 حين شككت في جدوى اغتياله في الوصول إلى حالة الاستقرار المنشود من وجهة نظر صهيونية حيث أشارت إلى البنية التحتية التي أسسها للعمل المقاوم في الضفة مما يمكن المقاومة من الاستمرار والنهوض مرة بعد مرة.
2. قيادات الاحتلال المتعاقبة باتت أكثر تطرفا، ومع هذا التطرف تزداد تهديداتهم للفلسطينيين قيادة وشعبا ولكنهم يخرجون في كل مرة بتنازلات غير مسبوقة وذلك هروبا من الاعتراف بالحقيقة المرّة وهي حق الشعب الفلسطيني في نيل حريته واستعادة أرضه ومقدساته. فعلها رابين في أوسلو، وشارون في غزة، وكذلك نتنياهو في وفاء الأحرار، وبات الدور على حكومة سموتريتش وبن غفير التي يؤمن الشيخ صالح بأنها الحكومة التي ستدق المسمار الأخير في نعش الاحتلال. ولهذا حذّر الشيخ دول المنطقة التي تعوّل على الكيان وتربط مصيرها بمصيره مشددا على أنّ الاحتلال إلى زوال ولو بعد حين.
3. من الجدير ذكره هنا حديث نائب رئيس المكتب السياسي عن أنّ مشروع المقاومة هو مشروع معلن فوق الطاولة في مواجهة المشاريع الإجرامية التي يتبناها الاحتلال الصهيوني على شاكلة مشروع التهويد والترانسفير الجديد وإشعال حرب في المنطقة تقود إلى تغيير وجهها وتهيئ له الفرصة المواتية لتنفيذ مخططاته. لذلك لا فرصة للتسويف الذي يمكن أن يزيد الأمور تعقيدا من ناحية التغول الاستيطاني وقد أصبح واجبا على كل فلسطيني وخاصة في الضفة والقدس أن يبذل وسعه في مواجهة ذلك وهذا في حق حركات المقاومة الفلسطينية أوجب.
4. الوضوح الكبير في الحديث عن الحرب الشاملة والخوض في تفاصيلها وسيناربوهاتها المحتملة –على الأقل في الغرف المغلقة- وعدم استبعاد خيار دخول المقاومة الفلسطينية على خط المواجهة في حال أقدم الكيان الصهيوني على حرب مع لبنان. كما أنّ ذكر محور المقاومة والتنسيق بين مكوناته يمثل تقدما كبيرا وداعما لسيناريو الحرب الشاملة التي قال الشيخ العاروري أنها باتت مطلبا للحركات المقاومة والشعوب المقهورة على حدّ سواء.
5. الصراحة الشديدة في الحديث عن اللقاءات الفلسطينية – الفلسطينية مؤكدا على أنها لقاءات لا ينتظر منها أن تحلّ جميع المشكلات وإنما هي لمحاولة تقريب وجهات النظر والابتعاد عن حالة القطيعة الدائمة التي تقود إلى العداء والمواجهة التي تقوّض الجهود المبذولة على جميع الأصعدة. هذا ولم يغفل الشيخ العاروري التباين الكبير في المواقف والرؤي ما بين مشروعين أحدهما يؤمن بالمقاومة كحلّ وحيد لإنهاء الاحتلال، والآخر يسعى للانسجام مع الشرعية الدولية وتلبية شروط الرباعية والتي لا تستجيب للحد الأدنى من مطالب شعبنا وحقوقه. الخطير في الأمر هو الإشارة الواضحة بأنّ مشروع المفاوضات يترجم القناعات على الأرض من خلال القضاء على العمل المقاوم في الضفة وتقويض بنيته التحتية.
6. كما أكّد الشيخ العاروري أنّ حركة حماس لم تتدخل في الصراعات التي نشبت في مخيم عين الحلوة بلبنان وإنما هي تلعب دور الوسيط الذي يقف على مسافة متساوية من جميع الأطراف من خلال التواصل مع الجميع لتهدئة الأمور وتقريب المواقف ووقف القتال الدائر والذي لا يصب إلا في مصلحة الاحتلال الصهيوني.
7. وبالحديث عن العلاقة مع السعودية وسوريا وقطر، أكد الشيخ صالح عدم تدخل حركته في أي من الشؤون الداخلية للآخرين موضحا في الوقت نفسه عدم تغير الموقف مع السعودية وكذلك أشار إلى أنّ الرسائل من سوريا إيجابية وأوضح أنّ المنحة القطرية لم تخفض وإنما جرى بخصوصها إعادة توزيع مشددا على عدم تدخل قطر في قرارات الحركة وإدارتها للمشروع الوطني والمقاوم.
وفي ختام حديثه بشّر الشيخ صالح العاروري بأنّ المستقبل للمقاومة وللشعوب التي تسعى لنيل حريتها واستعادة حقوقها ولن يستطيع أحد تغيير مجرى التاريخ ولا كسر إرادة الشعوب في الوصول إلى ما ترجو وتحقيق أهدافها المشروعة.