قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد ثورتي مصر وتونس

فتح خفضت السقف في التعديل الوزاري

فايز أيوب الشيخ

تعيش "سلطة فتح" في الضفة المحتلة أزمة صراع على البقاء بعد ثورتي مصر وتونس، فلم يعد تفكير قادتها يتعدى أكثر من تحسين وتجميل صورتهم بإجراءات يخدعون بها أنفسهم قبل غيرهم، وذلك في الوقت الذي يراقب فيه الشعب و يشاهد جزءاً مما يتكشف عن فسادهم السياسي والأمني والمالي والأخلاقي.

تخفيض سقف الشروط

وعادت عجلة التعديل الوزاري على حكومة فياض – لم تنل ثقة التشريعي - تدور من جديد داخل أروقة حركة فتح الداخلية، ولكن هذه المرة بشروط أقل, حيث كشف مصدر فلسطيني مطلع في الضفة الغربية، أن فتح خفضت من سقف شروطها في التعديل الوزاري الجديد، موضحاً أن السبب الرئيس "هو نيتها التسريع في التعديل بعد ما حدث من ثورة شعبية في مصر".

غير أن المصدر أكد لـ"الرسالة نت" أن الحركة اصطدمت برفض فياض فكرة تعيين نائب له، مؤكداً أن حركة فتح ترى في ذلك تراجعاً من فياض عما تم الاتفاق عليه في فرصة تعديل سابقة لم تتم.

وعوضاً عن رفض فياض -منذ مدة- التخلي عن حقيبة "المالية"، فقد أكد المصدر أن هذا الأمر لم تعد حركة فتح ترفضه لأنها مقتنعة بأن فياض هو الوحيد الذي بيده توفير الأموال للسلطة وأن الغرب لا يثقون إلا به.

واعتبر المصدر، أن تشدد فياض في التعديل الوزاري الجديد نابع من ضعف عباس الذي بات مقتنعاً هو الآخر بثقل فياض عند الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى كون –عباس- يزعم أنه بذلك يجري إصلاحات ملموسة لدى الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية.

وأشار المصدر إلى أن حركة فتح ترى في التعديل الوزاري الجديد "مرحلة قصيرة سرعان ما ستنتهي لأنها تفكر جدياً في إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية"، معتقداً أنه ربما تريد فتح من حكومة فياض في هذه المرحلة التحضير للانتخابات ودعم إجرائها من الأطراف الداعمة بشكل سريع.

خنوع كامل لفياض

ولعل ما يثبت صحة ما ذكره المصدر سالفاً، ما عبر عنه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، من أن حركته لم تحدد بعد حصتها من الوزارات والأسماء التي ستشغلها في التعديل الوزاري الجديد على "حكومة فياض"، لافتاً إلى أن المشاورات لم تبدأ داخل أطر ومؤسسات الحركة .

ولم ينف الأحمد لـ"الرسالة نت" ما كشفه مصدرها، فقال :"إن حركته لم تعد متمسكة بمطلبها السابق بتقلد الوزارات السيادية مثل الداخلية والمالية والخارجية"، مضيفاً "سوف نترك لفياض المجال في توزيع الحقائب.. ونحن نعتبر أنفسنا آخر الناس"، مضيفاً :"لقد كلفنا فياض بتشكيل الحكومة ونحن ندعمه بشكل كامل".

وتوقع الأحمد أن يكون الإعلان عن "الحكومة الجديدة" بعد أكثر من أسبوع وليس كما تم الإعلان عنه في غضون أسبوع واحد، منوهاً إلى أن عدداً من وزرائها سيكونون من قطاع غزة.

 وأشار إلى أن فياض بدأ  يلتقي بالفصائل والأحزاب الموجودة في الضفة الغربية لعرض عليهم الدخول في حكومته، معرباً عن اعتقاده من أن عدداً من الفصائل المشاركين في "الحكومة المستقيلة السابقة" سوف يشاركون في التعديل الجديد، دون الإشارة إلى فرصة مشاركة الفصائل والأحزاب التي لم تشارك من قبل مثل الجبهة الشعبية.

واعتبر الأحمد أن ما يهمهم في حركة فتح "هو شكل الحكومة أن تكون مهنية وليست سياسية"، مفسراً –وجهة نظره-أنه كلما اتسعت في الحكومة دائرة المشاركة يكون أفضل من الناحية المهنية في تحسين الأداء وتجاوز الأخطاء والضعف الذي كان موجوداً في الحكومة السابقة، حسب اعترافه.

وبرر الأحمد تأييد حركته لإجراء الانتخابات بكافة أشكالها الرئاسية والتشريعية والبلدية بأنه تجازواً للانقسام وليس تكريساً له، قائلاً "يجب ألا نبقى أسيري الانقسام"، حسب زعمه.

خطوات شكلية

من ناحيته، وصف مدير المركز الفلسطيني للأبحاث والدراسات - بدائل برام الله هاني المصري، قراري "سلطة فتح" بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإجراء تعديل وزاري على "حكومة فياض" بالخطوات الشكلية.

وقال في تصريحات لـ"قدس برس": "السلطة تواصل التعامل مع المستجدات والأحداث بنفس الطريقة السابقة، غير أننا أمام وضع جديد بحاجة إلى سياسات وخطط جديدة، حتى نكون كفلسطينيين قادرين على تغيير المرحلة السابقة، من خلال إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، لتضم الجميع، وبعد ذلك يجب البحث في موضوع السلطة، وموضوع الحكومة وموضوع الانتخابات،أما إذا ذهبنا إلى الانتخابات فنحن كمن يضع العربة أمام الحصان".

ورأى المصري أن الخطوات التي قامت بها "سلطة فتح" برام الله من تعديل وزاري والدعوة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية "لا يمكن أن تحد من تأثير تداعيات الثورة في مصر وتونس"، مشدداً على أنه ليس هذا هو التغيير الذي يريده الشعب الفلسطيني.

باطلة وغير شرعية

وحول مدى قانونية التعديل الوزاري على "حكومة فياض"، اعتبر الخبير القانوني ووزير العدل سابقاً الدكتور أحمد الخالدي، أن أي حكومة يتم تشكيلها أو تعديلها دون أن تأخذ ثقة المجلس التشريعي "باطلة وغير شرعية".

وأوضح أن القانون الأساسي ينص على "أن تشكيل أي حكومة يجب أن يأخذ الثقة من المجلس التشريعي وأداء القسم الدستوري خلال خمسة أسابيع على الأكثر، وإذا لم يتم ذلك يعتبر من تم تكليفه بتشكيها قد فشل ويجب اختيار غيره ليقوم بتشكيل الحكومة".

غير أن الخالدي أكد لـ"الرسالة نت" أن الحكومة السابقة التي شكلها فياض والحالية التي يجري تشكيلها "خارج إطار قواعد القانون الأساسي ولا تتفق معه بالمطلق"، واصفاً بأن الإجراءات التي تمت هي "إدارة أمر واقع ولا تتفق بأي حال من الأحوال مع القانون الأساسي".

وانتقد الخالدي إصرار حركة فتح على تجاوز القانون في تشكيل الحكومات وكذلك تمسكها في كل مرة بـ"سلام فياض" في تشكيل هذه الحكومات وقال:" لا يجوز أن يكون في الشعب الفلسطيني من يقبل أن يتجاوز القانون إلا إذا كان يعمل لصالح أجندة غير فلسطينية لا ترضى بشخص آخر يكون صاحب أجندة وطنية" .

كما انتقد الخالدي مشاركة فصائل اليسار في الحكومات غير القانونية والشرعية في الضفة الغربية قائلاً :"نحن لسنا لدينا فصائل وأحزاب بالمعنى الحقيقي، ولكنها بقايا فصائل وأحزاب كان لها برنامج سياسي في حركة التحرر وتخلت عنه"، مشيراً إلى أنه ورث هذه الفصائل والأحزاب عدداً محدوداً من الممتهنين للسياسة ويتطلعون لمناصب ومكاسب شخصية وليس من أجل برنامج وطني يخدم القضية الفلسطينية.

بات من الواضح أن حركة فتح وسلطتها يتصرفون بعد الثورة المصرية بتخبط وبخطوات ارتجالية في محاولة لإقناع الشعب الفلسطيني بأن هناك تغيرات جوهرية في عمل السلطة وتعلم من دروس الماضي ..ولكن الحقيقة أن التقلبات الحاصلة ليست نهجاً إصلاحياً بل إنها تعبر عن حالة الخوف التي تنتابهم ليس أكثر.

 

البث المباشر