إنها رواية من خيال جورج أوريل، الكاتب الصعب الذي عرفت رواياته بالعمق والبعد الفلسفي والجرأة، حتى منعت من التداول في بعض البلدان، لأنها شكلت من وجهة نظر صناع السياسة خطرا.
هذه الرواية تتكلم عن مزرعة حيوان أعلنت تمردها على السيد جونز للقضاء على الفساد ونشر الشيوعية بحثا عن العدل، حتى انتهى الأمر بديكتاتورية أخرى بقيادة الخنازير.
للرواية بعد فلسفي كبير، منذ بداية الثورة حتى حكم الخنازير، وللكاتب تجربة قوية مع الشيوعية، فالنظام الشيوعي أول ما ظهر كان نظاما ينادي بالعدل والمساواة، حتى أصبحت الديكتاتورية هي طريقته لنشر العدل، وبدأ باستخراج قوانين ظالمة يمارسها حتى على أعضائه، لأن مصلحة الحزب كانت فوق مصلحة الأعضاء، وهكذا كان يعمل كل عضو بمعزل عن الآخر.
تبدأ الرواية بخنزير عجوز يقيم فكرة الثورة على الظلم الواقع على الخنازير من صاحب المزرعة السكير، وبعد موت الخنزير العجوز صاحب الفكرة، يمسك زمام دفة المعركة اثنان من طلابه، ينجحان في إتمام الثورة ويطردان صاحب المزرعة، ثم يختلفان، وتبدأ هنا حكاية جديدة، حكاية الصراع بين الشر والخير، بين من يريد مصلحة الوطن والمواطن في مملكة الخنازير الجديدة وبين من يريد البناء على اللؤم والمكيدة.
يهرب صاحب طريق الخير من المعركة وتبقى أطراف المكيدة لتؤسس لدولة ديكتاتورية تدعي الإصلاح بينما هي قائمة على شقاء بقية الحيوانات المحكومة تحت إمرتها والتي يطلب منها العمل بمشقة وكبد والحياة في الفقر والجوع لأجل فكرة قامت بها الحكومة الديكتاتورية.
وتحمل أعمال أوريل الطابع الرمزي، وتحتاج إلى تدبر والكثير من التأمل، وفي الحقيقة ستشعر وأنت تقرأ الرواية أنها تحكي عن مزرعة ما يعيش الواحد منا فيها، وينطبق عليه نفس نظام الحكم، وقد نُشرت رواية مزرعة الحيوان عام 1945، بعدما رفضتها ثلاث دور نشر خوفا من رسالتها السياسية الحادة.
وبعد النشر منعها الاتحاد السوفيتي من التداول، وكذلك كوريا الشمالية، وفي دولة مالاوي تم اتهام وزير الحكومة "ألبرت موالو" بالخيانة وشنق عام 1977، وكان أحد الأدلة المزعومة على خيانته هو امتلاكه رواية مزرعة الحيوان لجورج أوريل التي كانت محظورة حينها.
ولكن في النهاية انتهى الاتحاد السوفيتي، وربما الشيوعية، وظلت رواية جورج أوريل تقرأ وتطبع حتى اليوم ويصلح إسقاطها على كل الأنظمة المستبدة أيا كان نظامها السياسي.
ارتبط اسم جورج أوريل بقائمة الكتب الممنوعة فبعد نشر "مزرعة الحيوان" عام 1945 وإثارتها الغضب وحظرها في الاتحاد السوفييتي، لم يلتزم جورج أوريل الصمت، بل نشر في عام 1949 روايته المشهورة والتي تحمل اسم "1984".
