في شهر ربيع الأول من كل عام يحتفل مسلمون في أنحاء العالم بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
والمولد النبوي أو مولد الرسول هو يوم مولد رسول الله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وأغلب الآراء هو أنه كان في 12 ربيع الأول، إذ يحتفل به المسلمون في كل عام في بعض الدول الإسلامية ليس باعتباره عيدا بل فرحة بولادة نبيهم رسول الله محمد بن عبد الله.
وتبدأ الاحتفالات الشعبية من بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته، بإقامة سرادق ومجالس ينشد فيها قصائد في مدح النبي الكريم، كما تنظم فيها الدروس من سيرته العطرة، وذكر شمائله وخصاله ويقدّم الطعام والحلوى وخاصة للأطفال لترسيخ ذكرى مولد الهدى في نفوسهم.
الاحتفال بمولد النبي الكريم
ومع مطلع شهر ربيع الأول من كل عام هجري، يتحاور بعض المسلمين ويتناقشون حول مشروعية الاحتفاء بمولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فيرى بعضهم جوازه وضرورة الحشد والاجتماع لإحياء هذه الذكرى، ويرى آخرون أنه لا أصل له ولا دليل عليه.
ويقول أصحاب فكرة الاحتفال بالمولد، إنها تعمل على ترسيخ وتذكير الناس بميلاد النبي وإحياء الفكرة وإنعاشها في النفوس وخاصة الأطفال والنشء، مع كل تلك المتغيرات التي تطرأ في العالم وما يواجه الإسلام والمسلمين من تحديات.
ويقول الأستاذ الجامعي بسيوني نحيلة إن "الناظر في طبيعة هذه المحاورات والمجادلات وما يترب عليها، يدرك أن كلا الفريقين يحتفي بالنبي صلى الله عليه وسلم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك من خلال إثارتهم لهذا الموضوع في كل عام، وجعله قضيةً يُجمع من أجلها الناس".
وأضاف" فهذا يحتفي بالدعوة إلى ضرورة اقتفاء أثره واتباع هديه صلى الله عليه وسلم، وذاك يحتفي بالحديث عن مولده وتذكير الناس بفضله ومنزلته صلى الله عليه وسلم".
وتابع" ولكن بين هذين الفريقين نلحظ صورة أخرى من الأمة أكثر احتفاءً، وأصدق حبًا، وأظهر وفاءً للنبي صلى الله عليه وسلم، يتجلى ذلك في احتفائهم اليومي المهيب الدائم عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم وتذكره بجانب اسم الجلالة الأعظم (الله) في كل يوم قبل كل صلاة في الآذان والإقامة، وأثناء كل صلاة في التشهد، وبعد كل صلاة في الدعاء والذكر.
وقال"هذا هو الاحتفاء الحقيقي الذي لم يتحقق لبشر على الإطلاق منذ خلق الله السموات والأرض إلا لخير البشر وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فهو احتفاء لا يحده زمان ولا مكان، فقد تجاوز القعود والأقوال على الأرائك إلى الحركة والأفعال في ميادين الحياة، كما أنه اختلط بالعبادات والطاعات فأصبح شعارا دائما لها وحقيقة ثابتة في تطبيقها وممارستها".
وأوضح"ولعل هذا الهدي العملي المستمر في التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم كان هو السبب في أنه لم يرد تخصيص يوم بعينه للاحتفاء به صلى الله عليه وسلم في عهد الصحابة والتابعين حتى القرن الثالث الهجري، وذلك لأن أهل هذه القرون الخيرة كانوا في تذكر دائم لرسولهم صلى الله عليه وسلم فعلاً قبل القول، ودفاعا ونصرة بفهم ووعي قبل العاطفة وتعبيرات الوجدان".
وأكد أن أعظم من ذلك أن تقوم الأمة مثنى وفرادي بالتعبير عن صدق حبها، وصحة اتباعها له، بالدفاع عنه صلى الله عليه وسلم وعن أتباعه وحرماته أمام هؤلاء الحاقدين المعادين للإسلام ورسوله، ممن تجرؤوا عليه بسبه وإهانته، والتطاول على زوجاته وأصحابه، وممن يعملون على تمزيق كيان أمته، وتشريد أتباعه، واستهداف مقدساته وتعليماته".
وقال"حريٌ بهذه الأمة المكلومة في هذا الزمان أن تنفض غبار التفرق والتشرذم، وتكسر أسباب التنازع والاختلاف، فتوحد شملها، فتجتمع بأفرادها وعلمائها ومؤسساتها ودولها حول رسولها الكريم في التزام أمور أربعةٍ نجدها في قوله تعالى:(فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف:157).
إيمان صادق لا يتزعزع، حب وتقدير لا يَخمل، ودفاع ونصرة لا تتقهقر، وطاعة واتباع بلا انحراف ولا تلون.. بهذه الأمور وحدها تسلك الأمة طريق الرفعة ويحقق أفرادها الفلاح المنشود.. وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد خير الأنام.