الزي الفلسطيني ركن جوهري من أركان الهوية الوطنية

الرسالة نت - الضفة المحتلة

لكل شعب من الشعوب هويته الوطنية الخاصة به، وكذلك هو الحال بالنسبة للشعب الفلسطيني، الذي رسخها عبر الجد والعمل خلال مئات السنين وفي كافة ميادين الحياة، الزراعة والصناعة وفن العمارة والموسيقى والأدب؛ والزي الشعبي، أي اللباس الخاص بكل مدينة وقرية وبقعة جغرافية على امتداد الوطن الفلسطيني، حيث يعتبر ركنا جوهرياً للهوية الوطنية الفلسطينية التي تجذرت رغم تعدد أنواع الاحتلال الذي مر على فلسطين.
والزي الشعبي الفلسطيني هو خزان ثقافي واجتماعي لشعب صمد في مواجهة عواصف عاتية وآخرها الاحتلال الصهيوني الذي سيرحل بمقاومة الشعب الفلسطيني على كافة الجبهات.
يعتبر الزي الفلسطيني كاشفا عن تراث الشعب الفلسطيني وهويته الوطنية والثقافية التي تحاول إسرائيل تهويدها على مدار الساعة عبر مخططات مبرمجة لتهويد الزمان والمكان الفلسطينيين، لكن دون جدوى.
وعلى الرغم من إنشاء إسرائيل عام 48 على القسم الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية، لكن الشعب الفلسطيني حافظ إلى حد كبير على زيه الوطني الخاص سواء في الداخل المحتل أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك سعى اللاجئون الفلسطينيون في أماكن لجوئهم القريبة والبعيدة إلى ترسيخ هويتهم من خلال إقامة مؤسسات ومعارض تراثية، تعمل وتعرض فيها على الدوام الأزياء الفلسطينية للمرأة والرجل وكافة شرائح الشعب الفلسطيني، وهذا نلحظه ونشهده في كافة مخيمات اللجوء المحيطة بفلسطين وأوروبا وكندا وأمريكا وأستراليا.

 والمثال على ذلك مؤسسة هويتي الفلسطينية في هولندا التي ترأسها وتديرها السيدة فلسطين موسى، ويعتبر ذلك بمثابة ترسيخ للهوية والرواية الفلسطينية في مواجهة زيف الرواية الصهيونية لاحتلال فلسطين، وكذلك محاولات (إسرائيل) سرقة الزي الفلسطيني وعرضه على أساس أنه تراث للهوية المارقة التي تضم تجمعاً استعماريا صهيونياً تعود أصوله لأكثر من مائة دولة في العالم.
وبهذا يعتبر الصراع على الأرض والزي الفلسطيني جوهرياً مع تلك الدولة المارقة كما الاحتلالات السابقة.
والزي الفلسطيني كما فلسطين الوطن مرّ بمراحل تاريخية عديدة، فضلاً عن كونه، أي الزي الشعبي الفلسطيني، تعبيراً صارخاً لهذا الشعب عن عاداته وتقاليده وسبل حياته المتجذرة، ناهيك عن ارتباطه بوطنه الوحيد فلسطين، والأمثلة كثيرة على المؤسسات ذات الصلة في مناطق اللجوء، على سبيل المثال مركز حلوة زيدان في أول مخيم اليرموك ومحل حنظلة في شارع الجاعونة في وسطه ومؤسسة الركوعي في الشارع الواصل بين جامع فلسطين ومركز الإعاشة التابع للأونروا وسط المخيم أيضا، وفي مدينة صور جنوب لبنان بات متحف المربي الراحل محمود دكور معلماً تراثياً يجمع كل أنواع التراث الفلسطيني بما فيه الزي الشعبي لمناحي فلسطين التاريخية.
يمكن الجزم بأن الزي الشعبي الفلسطيني بألوانه المختلفة يعتبر بحد ذاته دلالة كبرى على التراث الثقافي والهوية الوطنية الفلسطينية، فضلاً عن كونه يرسم مسار التاريخ الوطني الفلسطيني ومنحنياته المختلفة، حيث طبعت كل مرحلة تاريخية بطابعها وألوانها الخاصة التي تزركش بالألوان المختلفة كعلامة ذات معنى قيمي للارتباط بالهوية الوطنية للشعب الفلسطيني وهويته المتجذرة.
ويلحظ المتابع أنه منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من كانون الثاني / يناير 1965 وقبل ذلك خلال الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 أصبحت الكوفية الفلسطينية البيضاء المقلمة بالأسود رمزًا وطنيًا لنضال وكفاح الشعب الفلسطيني؛ وبات لهذا الزي دور كبير في التعبير عن موقف مرتديه، وقد كان الشهيد ياسر عرفات يرتديها في كل الأوقات وأصبحت صورته بالكوفية رمزا يعرفه كل العالم والشعوب في جهات الأرض الأربع، وارتبطت به كارتباط القضية الفلسطينية باسم الشهيد الراحل.
والكوفية الفلسطينية كما أشرنا، هي وشاح أبيض وأسود يرتدى عادة حول الرقبة أو مع العقال على الرأس، ولم تبق الكوفية حكراً على الشعب الفلسطيني بل تجاوز استخدامها المنطقة العربية واكتسبت شعبية بين الناشطين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وهذا كان لافتاً وجلياً خلال هبة الأقصى عام 2021 وخلال مونديال الدوحة عاصمة قطر في نهاية العام المنصرم 2022.
ويلحظ المتابع للزي الفلسطيني بأنه يختلف بين مدينة وأخرى وقرية وسواها في فلسطين وكل مدينة وقرية لها زيها الخاص بها وبزركشة ألوان مختلفة، لكنها تتشابه في الشكل ونوع القماش، وتورث للأجيال القادمة بالتواتر كدلالة على التمسك بالوطن والهوية الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني العصية على الطمس والتغييب.

البث المباشر