برلين – الرسالة نت ووكالات
اكثرنا يتعامل مع كيس النايلون بدون تفكير في عاوقبه والمادة التي صنع منها ومدى خطره على البيئة وعلى الصحة.
منذ عقود طويلة وكيس النيلون يتحكم بيومنا، وتقول احصائيات بان حوالي 70 كيسا على الاقل تتناقله أيدي كل شخص في السنة، لكن الغالبية تتعامل مع هذا الكيس من دون التفكير بعواقبه، فبعد استعماله يرمي في سلة النفايات ويكون مصيره في الكثيرة من البلدان الفقيرة والنامية اماكن النفايات المفتوحة او يرمي في البحر او الانهر وعندها تحصل الكارثة الطبيعية والبيئية التي زادت مع رمي السفن التجارية وغيرها نفاياتها في اعالي البحار. ويقدر حجم ما يرمى في العام بحوالي 100 مليون طن من اكياس النيلون والسلع البلاستيكية.
الا ان سمعة اول كيس نيلون لم تكن هكذا بل كانت طيبة واعتبر قطعة ثمينة وهدية يجب الاحتفاظ بها والحفاظ عليها، لانها كانت نادرة، ويقال ان بعض المهاجرين في اوروبا كانوا يرسلون اكياس النيلون الى اهاليهم في الوطن توضع فيها الهدية.
الالماني هانس شميدت باخام مؤرخ تاريخ كيس البلاستيك في مدينة دورين لا يريد بعد الان سلوك نفس سلوك الباقين في المانيا او غيرها ولن يرمي بعد الان اي كيس بل الاحتفاظ به، فهو يجمع اكياس النايلون منذ اكثر من 30 عاما ولديه حاليا اتلال منها، حيث وصل عددها حتى الان الى 150 الف، ويريد عبر التخزين ارشفتها وشرح اضرارها، فهو حاليا ضد استخدام هذه الاكياس التي تلحق الاذى بالبيئة، ولقد استأجر لهذا الغرض مخبأ يعود الى الحرب العالمية الثانية استخدم في السابق للحماية من اشعاع الحرب النووية.
ويعتبر باخام اليوم مرجعا لا غبار عليه فيما يتعلق بنشأت كيس النيلون، ففي اواسط سبعينات القرن الماضي وبعد ان ادرك علماء حماية الطبيعة مخاطر هذا المادة التي يصنع منها هذا الكيس على الطبيعة والبيئة وجوب حظره، زاد اهتمامه به لانه اعتقد يومها بان هذا الكيس سوف يكون مثل الظاهرة الاستهلاكية التي سوف تندثر وتختفي وتصبح طي النسيان، لذا اراد أرشفت ما يمكنه جمعه ليكون كاي مادة في التاريخ يقرا الناس شيئا عنها عندما لن يعد لها وجود.
وحسب ارشيف باخام فان اقدم كيس نيلون صنع كان عام 1853، يومها كان الناس يشترون سلع قليلة تلف في الورق او توضع في اكياس من الورق او القماش او في سلة المشتريات.
وفيما يتعلق بكيس النيلون كان يجب اولا اختراع المادة من اجل صنعه، وكان العلماء يبحثون منذ القرن التاسعة عشر عن مادة يكون تصنعيها سهلا ومتينة، وتمكن الاميركي شارك غوديير عام 1838 من صنع كاوتشوك ( من شجرة الكوتشوك)مطاط مطواع، وبهذا تمكن من السيطرة على اسواق العالم باختراعه مادة كاوتشوكية نصف اصطناعية.
وفي عام 1907 تمكن المخترع ليو بيكالند من صنع اول مادة اصطناعية صنعت منها بعد ذلك اجهزة الهواتف والمذياع والكثير من الاجهزة المنزلية. ولقد تحولت هذا المادة التي اطلق عليها يومها البلاستيك الى مادة مهمة تحمل اسم البلاستيك الكيميائي وتدخل في صناعات كثيرة، حتى انها دخلت ميدان الفن واصبح فنانون يعتمدون عليها من اجل صناعة التماثيل التي تباع باسعار خيالية.
واول كيس نيلون صنع كان نهاية خميسنيات القرن الماضي، لكنه ظل لفترة طويلة من السلع القليلة وكان شكله بسيط جدا، بعدها تطوره عام 1965 الى ان اصبح ياخذ اشكال صغيرة وكبيرة وقياسات كبيرة مع رسوم فنية واشكال مختلفة ما جعله يصنع بكميات كبيرة.
ورغم هذا التطور الا ان كيس النايلون اصبح يشكل مشكلة للبيئة والطبيعة بعد ان اتسعت رقعة بيعه واستخدامه واصبح يصنع في المصانع، ما جعل استخدامه بلا حدود.
لكن كل هذا كانت له تداعيات سلبية جدا، ففي عام 1989 بدأ يرى حماة البيئة، وكانوا قلائل يومها، خطر كيس البلاستيك او النايلون على البيئة وبالاخص بعد ان اصبح يرمي في البحار والانهر، لكن لم يلقوا تجاوبا او اذانا صاغية لا من المواطن ولا من الحكومات كي تقر قوانين ضده.
والملفت ان البلاستيك والنايلون يشكلان حاليا حوالي 40 في المائة من كل الاحتياجات في العالم، اي من اكياس النيلون وحتى الاثاث المنزلي وغيره مرورا بالاحذية والحلى والعاب الاطفال وبعض انواع الاقمشة التي تتحول الى ملابس ومن اجل استخدامات اخرى.
وحسب تقدير هانس شميدت باخام بعد حوالي مائة عام سوف ترتفع نسبة استخدام الانسان للبلاستيك والنيلون حتى ال70 في المائة اذا ما واصل الاعتماد على هذا المادة، وهذا يعني ان كائنات كثيرة في البحار وعلى الارض مهددة بالفناء، مثل الاسماك والصخور المرجانية التي بدأت تأكل النفايات البلاستيكية، نسبة كبيرة منها من اكياس النيلون التي ترمى في البحر بشكل عبثي وخطير. و الاخطر من ذلك كله ان نسبة لا بأس بها من المزارعين في العالم النامي الذي يستخدمون البيوت البلاستيكية من اجل تسريع انضاج الفاكهة والخضار لا يجمعونها بعد ذلك بل يتركونها في الارض حيث تختلط من التربة، وهنا الطامة الكبرى، ما يعني ان ولع الانسان بالبلاستيكي والنيلون سوف يقتل عالمه عاجلا ام اجلا.